لأول مرة .. شباب جنوبيون يفصحون عن تطلعاتهم في قيام دولة النظام والقانون .. ويؤكدون أن الهوية الجنوبية تحددت بـ«الدولة الاتحادية» ..«تفاصيل هامة»
الخميس 30 أغسطس 2018 الساعة 21:04
الحكمة نت - خاص:
لقاءات: دنيا الخامري:

تظل القضية الجنوبية هي قضية شعب ودولة وهوية، تعبر عن حقوق تاريخية، قانونية، اقتصادية، ثقافية، واجتماعية لشعب الجنوب. فقد أعلنت الوحدة اليمنية في 22 مايو1990م بين كيانين مستقلين ذوي سيادة منفصلة، إذ تحقق للجنوب استقلاله في 30 نوفمبر1967م كدولة ذات سيادة وبشخصية اعتبارية في منظومة الأمم المتحدة والمنظمات التابعة لها، وكذا جامعة الدول العربية والمنظمات الدولية ذات الصلة، وينطبق نفس ما ورد أعلاه على الجمهورية اليمنية التي تحققت ثورتها في 26 سبتمبر 1962م.

وفي عام 2014م استكملت مكونات الحوار الوطني الشامل التوقيع على الوثيقة المعروفة بوثيقة الحل العادل للقضية الجنوبية، ولا ينكر أحد بأنه كان لجهد الرئيس عبدربه منصور هادي رئيس الجمهورية رئيس مؤتمر الحوار الوطني الشامل الدور الأكبر في وصول كل مكونات الحوار إلى حالة من التوافق الوطني الشامل على هذه الوثيقة المحورية التي تضمن حلا عادلا للقضية الجنوبية، وتجعلها رافعة مدنية ومدخلا وطنيا لبناء اليمن.

ومن أبرز المكاسب التي حققتها القضية الجنوبية من خلال مؤتمر الحوار الوطني:

- التأكيد على مبدأ المناصفة 50% بين الجنوب والشمال في كل الهيئات القيادية والذي يعني ضمن ما يعنيه بأحقية الجنوبيين في المشاركة الفاعلة في السلطة.

- التأكيد على مبدأ تقسيم الثروة الذي تحقق للجنوبيين لأول مرة من خلال ما تضمنته وثيقة مخرجات مؤتمر الحوار الوطني.

- التأكيد على أن تستعيد مدينة عدن مكانتها الكبيرة ودورها الريادي باعتبارها بوابة الجنوب.

وعليه قمنا بلقاء عدد من القياديين والناشطين وتعرفنا على آرائهم حول الدولة الاتحادية في نظر الشباب الجنوبي وخرجنا بالآتي:

تطبيق مبدأ التصالح والتسامح

بداية، عرج معنا القيادي في الحراك الجنوبي عبدالرحيم العولقي في سياق حديثه إلى مرحلة الحرب والانقلاب على الدولة، حيث قال: استطاعت قواتنا ومقاومتنا الحرة من دحر المشروع الفارسي الذي تنفذه وتديره ميليشيات الحوثي الإيرانية بالوكالة على أرض اليمن شمالا وجنوبا، واستطاع رجال الأمن والجيش وكل الشرفاء بمساندة التحالف العربي من استعادة الأمن والاستقرار، وتمكن المشردون قسرا والنازحون من العودة إلى ديارهم وعودة مؤسسات الدولة إلى حضن الحكومة الشرعية لتطبيق النظام والقانون، وبناء الدولة المدنية الحديثة التي حلم بتحقيقها كل أبناء الوطن.

دولة النظام والقانون

وأضاف: حينما خرج الجنوبيون في مطلع العام 2007م أي عند البدايات الأولى من انطلاق الحراك الجنوبي، كنا في طليعة الأحرار الذين افترشوا الساحات والميادين وممن عانوا من التهميش والإقصاء والاحتقار والمعاملة من الدرجة الخامسة من قبل نظام صالح، وهذا ما كان عليه الجنوب بكل شرائحه المختلفة. متابعا: كنا كغيرنا نحلم بقيام دولة النظام والقانون والعدالة الاجتماعية التي فشلت دولة الوحدة في تحقيها، وهذا باعتراف القوى في الشمال وتأكيدها على مشروعية وعدالة القضية الجنوبية.

اخطاء الماضي

وأوضح: في حقيقة الأمر كان الجنوب دولة قبل عام 1990، استطاعت أن تستمر ربع قرن من الزمان بإيجابياتها وسلبياتها، ودخلت مع الشمال في وحدة بين دولتين، هذه حقيقة قانونية ودستورية وفقا لمعاهدات عربية ودولية واتفاقات وطنية، واتهام الجنوبيين بالانفصاليين أو الساعين إلى ذلك يثير حفيظتهم وامتعاضهم، وأنا أتحدث هنا كشخص عاصر كل أطراف الحراك الجنوبي، كونهم هم من حقق الوحدة، وقدموا كل التنازلات لتحقيق ذلك الحلم العربي والإسلامي الذي أفشلته منظومة الحكم في صنعاء بنظامها السابق.

مع الاصطفاف الوطني

مكملا: دخل الجنوب في عهد جديد وذلك مع انطلاق عاصفة الحزم وإعادة الأمل الذي تقوده دول التحالف العربي برئاسة المملكة العربية السعودية في 26 من مارس في مطلع العام 2015م، وفيه انخرط كل أبناء اليمن شمالا وجنوبا لمقاومة المد الفارسي، ونحن كجنوبيين نقف في هذا الاصطفاف الوطني والعربي والقومي والذي تقوده الشرعية الدستورية للبلد ممثلة بالوالد المشير عبدربه منصور هادي، وقد عاهدنا المشير عهد الدم بأننا سنقف إلى جانبه بعيدا عن أي مصالح ذاتية أو شخصية، فأنا أراه الشخصية العربية التي وقفت ضد هذا التآمر ليس على اليمن وإنما على كل أبناء الوطن العربي، وكان بإمكانه أن يتنازل ويحقق لنفسه ولأسرته ما يريد.

اصطفاف

وأردف العولقي قائلا: وبعد كل ما تحقق للجنوب في المناطق المحررة على مختلف الأصعدة العسكرية والسياسية وجب علينا أن نرتص ونعزز الجبهة الداخلية لتحقيق المزيد من النجاحات لأبناء الجنوب، بعيدا عن الشطحات والشعارات التي أراد البعض منها المتاجرة والمزايدة وادخار الأموال الطائلة وبناء الفلل واعتلاء السيارات الفارهة واستلام المخصصات الشهرية الكبيرة وهم لا يمتلكون قرارهم، وإنما يستخدمون كل ذلك الزيف للابتزاز والمقامرة السياسية من قبل وكلائهم على حساب الجنوبيين، وأصبحوا مكشوفين لدى أبناء شعبنا البطل.

مد جسور الثقة

وعن المزايا والمكاسب التي ستتحقق للجنوب واليمن بشكل عام في ظل النظام الاتحادي الجامع قال: أنا هنا أدعو ومن خلال هذا المنبر الإعلامي الوالد الرئيس عبدربه منصور هادي وكل الجنوبيين في الشرعية وفي مقدمتهم الأخ العزيز أحمد الميسري نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية والذين نعتبرهم أقرب لنا كحراك جنوبي إلى مزيد من اللقاءات والحوارات البناءة، ومد جسور الثقة والاهتمام بالحراك الجنوبي الوطني الحقيقي، وتمكينه من مؤسسات الدولة وإعطائه الأولوية الحقيقية بأن تكون رجالاته ومناضلوه شريكا رئيسا في بناء ونهضة هذا الوطن.

مضيفا: وأعتقد أن مشروعية أي مشروع سياسي لن تتحقق إلا بمشاركة الرجال الحقيقيين الذين لهم تأثير فعلي على أرض الواقع، ولن يترسخ ذلك الفعل السياسي إلا بالتوزيع العادل للسلطة والثروة، إذ بدأت تتعزز بوادر تلك الثقة، ويجب أن نمضي في إطار ذلك التعزيز وبتكاتف كل الأطراف.

النظر بعقلانية

وأكمل كلامه: من وجهة نظري الشخصية والموضوعية أن الجنوب لا يمتلك إلى اللحظة مؤسسات أمنية وعسكرية مؤهلة بشكل كامل وعصري، ولا مؤسسات مدنية ولا قضائية مستقلة، ولا يوجد هنالك كادر وطني مؤهل، وكل ما تحقق اليوم هو في إطار التأهيل، وهنالك حالة اختلاف وصراع على أحقية الأطراف في تمثيل الجنوب، ولهذا وجب علينا أن ننظر بعقلانية إلى المشهد القائم حفاظا على كل المكتسبات التي حققها شعبنا طيلة فترة نضاله المجيد، وحتى لا نجر ذلك الشعب الذي عانى طويلا إلى مآسي الماضي، والتي من المفترض أن يعيها عقلاؤنا ومفكرونا وقياداتنا، ويطبقون مبدأ التصالح والتسامح قولا وفعلا، وإن الجنوب يتسع لكل أبنائه بمختلف شرائحهم وتوجهاتهم، ولهذا فنحن ننظر إلى أن الجنوب بحاجة ماسة إلى مرحلة انتقالية في إطار حكم اتحادي يستطيع من خلالها ترتيب بيته الجنوبي على مختلف الأصعدة وصولا إلى حقه الشرعي في تقرير مصيره، وهذا لا ينتقص من أهداف ومبادئ الحراك الجنوبي.

رسالة للمتشائمين

وقبل أن يختم قال: نحن لن نكون من المتشائمين كونه يقع على عاتقنا كقيادات شابة الشيء الكثير، ومن المفترض أن تتلقى هذه القيادة الدعم والمساندة غير المحدودة، وخصوصا في هذه المرحلة الحساسة من تاريخ أمتنا من قبل كل أطراف التحالف والشرعية، للمساهمة في بناء هذا الوطن وتحقيق عزة ورفعة وشموخ المواطن.

دعوة لوحدة الصف

وعن كلمة يوجهها للشباب الجنوبي في الوقت الحالي وصف العولقي بأنه دائما ما تستخدم هذه الشريحة الهامة والفعالة والمؤثرة في المجتمع من قبل أطراف انتهازية واتكالية لتحقيق مصالح ومآرب شخصية، ويتسلق عليها الانتهازيون للصعود وتحقيق مجد لأشخاص لا مجد لهم، وأعتقد أن شبابنا قد شب عن الطوق وهو يعي المرحلة ومتطلباتها، مختتما: وهنا أنا أدعوهم إلى وحدة الصف والكلمة وأن يعززوا بوعيهم الراقي الجبهة الوطنية الداخلية، وأن يؤمنوا أنهم باستطاعتهم أن يحققوا المستقبل الآمن لهم ولأجيالهم القادمة؛ لأنهم هم الشريحة الأكثر تضحية وفداء، وهم أمل المستقبل، وبسواعدهم سنبني غدا أجمل، وخير ختام كان بهذه الأبيات الشعرية لجيلنا الشاب:

سَلامٌ عَلَيكُم رِجالَ الوَفاء - وَأَلفُ سَلامٍ عَلى الوافِيات

وَيا فَرَحَ القَلبِ بِالناشِئينَ - فَفي هؤلاء جَمالُ الحَياة

هُمُ الزَهرُ في الأَرضِ إِذ لا زُهورٌ - وَشُهبٌ إِذا الشُهبُ مُستَخفِيات

إِذا أَنا أَكبَرتُ شَأنَ الشَبابِ - فَإِنَّ الشَبابَ أَبو المُعجِزات

كسر المركزية

كما أعرب مختار الجونه، كاتب وناشط سياسي، عن سعادته لإتاحة الفرصة له، وتسليط الضوء حول مشروع "اليمن الاتحادي" الذي وصفه بأنه بات الحل الأمثل لليمنيين، وإعلان مرحلة السلام تحت مشروع اليمن الاتحادي.

مؤكدا: لا بد للجميع أن يعرف بأن مشروع اليمن الاتحادي ليس فقط الحل الأنسب لليمنيين! ولكنه الحل الأمثل لهم لأن مشروع اليمن الاتحادي هو جوهر اليمن الجديد الذي سيجنبهم الصراعات الدائمة التي عاشتها اليمن طول الفترات المتعاقبة منذ زمن طويل.

مناصرة المشروع الاتحادي

واستطرد قائلا: حقيقة لم أكن يوما من دعاة الانفصال، ولكني من المطالبين بإنصاف القضية الجنوبية وحلها حلا عادلا. ولكن لدي أصدقاء مقربون كانوا من أشد الناس المطالبين بالانفصال، واليوم أصبحوا من أكثر الناس مناصرة لمشروع اليمن الاتحادي، وربما يأتي ذلك بسبب ظهور تيار انتهازي سيطر على الجنوب بعد عام 2016، وقام بشيطنة كل من لا يروق له أو يختلف معه، بل وصل الحال بهذا التيار الانتهازي تجريد البعض من هويته، وهذا ما جعل مثل هؤلاء المطالبين بالانفصال يتراجعون عن قرارهم ويدعمون مشروع اليمن الاتحادي، بعد أن تأكدوا بأن هذا التيار الانتهازي المسيطر على الجنوب سوف يجرهم إلى مربع مظلم ومخيف.

كسر المركزية

وأوضح الجونه بأن أبرز المزايا في مشروع اليمن الاتحادي هي الأهداف التي تضمنها المشروع من بينها كسر المركزية التي عانى منها الشعب اليمني شمالا وجنوبا في النظام السابق، والتوزيع العادل للسلطة والثروة، وكل إقليم له حكومته وبرلمانه الخاص به، وهذه من أهم المميزات، والتي منها يقتضي كل إقليم في إدارة شؤونه بنفسه.

الكفة الأقوى

وتابع: من وجهة نظري أن أهم مزايا المشروع الاتحادي للجنوب هو الـ 6 أقاليم وليس إقليميين كما يطالب به البعض، كون إقامة 6 أقاليم يجعل الكفة الأقوى هي للجنوب بلا شك، وتضعف الأطراف في الشمال التي تحاول السيطرة على اليمن والمتمثلة في إقليم آزال، بينما الـ 6 أقاليم يجعل الجنوب بإقليمين أقوى من ناحية السلطة والثروات، أما في حالة القبول بإقليمين إقليم جنوب وإقليم شمال لن يتغير من الواقع شيء، ستظل مركزية شمال الشمال هي الأقوى والجنوب هو الأضعف بلا شك.

المزيد من الفرص

وأكمل كلامه: خطر الاستمرار على نهج المطالبة بالانفصال سيضيع الكثير من الفرص والمزيد من الوقت عن شعب الجنوب، خاصة في ظل مشروع اليمن الاتحادي المدعوم دوليا وإقليميا، وسيضاف إلى ما قد ضاع منذ زمن طويل، واستمرار مطالبتهم بالانفصال لن يساعد على استقرار الأوضاع في الجنوب، بل ستتفاقم المشكلة، وسيجني الجنوب فشلا آخر إلى تجاربه السابقة من الفشل منذ عام 67 وما زلنا نعاني من هذه التجارب الفاشلة.

تجنب مشاريع الفشل

وقال: "هناك نصيحة أود إيصالها للشباب الجنوبي أن ينفتحوا في مواكبة الأحداث والمتغيرات، والمشاركة فيها دون تردد، والابتعاد عن المشاريع التي ألحقت الفشل بالجنوب، وعدم جعل قرارهم وتوجهاتهم بيد لا يمتلكون مشروعا واضحا يستندون إليه، الذي دائما ما تكون نتائجه مخيبة لهم، وذلك بسبب التخبط يمينا وشمالا والذي بسببه أنتج لهم وضعا غير مستقر في الجنوب طوال عشرات السنين، ونقول لهم أنتم لا ذنب لكم، ولكنكم ضحية مشاريع خارجية نصبت نفسها عليكم، مدعية باستعادة الدولة الجنوبية وهي مصرّة بربط شعب الجنوب بمصيرها، بل إن هذه القيادة تجعل منكم قاربا للنجاة والعبور إذا شارفت على الغرق هي ومشاريعها المتهالكة"، مضيفا: "ونقول للشباب لا تجعلوا ظهوركم بوابة عبور لمشاريع هالكة ليس لها ملامح، أو حتى امتلاك قرار على نفسها، ونطالبهم بالانفتاح وإشراك أصواتهم في المرحلة المقبلة، وأن لا يجعلوا من أصواتهم رهينة وحبيسة مع كل ظهور لقيادي يتحدث باسمكم وبقضيتكم.

دعم المشروع الاتحادي

بدوره قال الناشط محمد الحسني: إن من أهم الأسباب التي دفعتني إلى التخلي عن شعارات الانفصال ومناصرة مشروع الدولة الاتحادية هي الفترة التي استلم فيها الجنوبيون الحكم في البلاد، كوننا انصدمنا بواقع مغاير تماما عما كنا نطمح له، فقد مارسوا الظلم على العباد، دمروا مصالح البلاد، وأعادوا إلينا المناطقية والاقتتال الجنوبي الجنوبي، حتى إن المواطن البسيط أصبح يترحم على حكم صالح، لذلك وجدت أن دعم المشروع الاتحادي هو الأنسب للوطن والأفضل للشعب.

الامن والاستقرار

وعن المزايا والمكاسب التي ستحقق للجنوب ولليمن مستقبلا، رأى الحسني بأن بقاء الدولة الواحدة في إطار الأقاليم هو الأنسب، حيث سيتحقق الأمن والأمان بالإضافة إلى أن كل إقليم سيحكم نفسه.

مخاطر الانفصال

وأردف بالقول: التبعات والأخطار التي تهدد الجنوبيين في حال استمروا بمطالبهم الانفصالية هي ضرب ما تبقى من اللحمة الجنوبية، وتمزق النسيج المجتمعي، فالمناطقية والعمليات التعسفية التي تمارسها الميليشيات الخارجة عن الدولة ستلحق الأذى بالشعب، وستؤدي إلى تمزيقه، بل ولا سمح الله قد يتكرر المشهد ونشاهد اقتتالا جنوبيا جنوبيا.

وأضاف: أوجه نصيحتي لإخوتي الشباب بأن يحكّموا عقولهم، وأن يقرؤوا المشهد السياسي بتمعن، وأن لا ينجروا خلف الشعارات وبيع الوهم، بل عليهم التعامل مع الوضع بمسؤولية ووطنية.

* نقلا عن صحيفة «الوطن» الرسمية الصادرة امس الاربعاء: «٢٩ أغسطس ٢٠١٨م».

متعلقات