الرئيسية - محافظات وأقاليم - شاهد بالصور .. «زفة الحناء» في الأعراس التهامية .. تراث يأبى الإندثار ..«تفاصيل»
شاهد بالصور .. «زفة الحناء» في الأعراس التهامية .. تراث يأبى الإندثار ..«تفاصيل»
الساعة 08:20 مساءاً (متابعات خاصة:)
لا تزال الأعراس في تهامة تحتفظ بنفس العادات والتقاليد المتوارثة التي كانت ولا تزال تصنع جمالية الأفراح التي تميز المنطقة الغنية بثرائها الثقافي ومنها "زفة الحناء" التي لاتزال ضمن التقاليد الباقية من طقوس الزواج في الساحل التهامي.

ولا تختلف طقوس الأعراس في تهامة عن المحافظات الجنوبية كعدن ولحج نتيجة التقارب في العادات والتقاليد بين أبناء المناطق الساحلية والتشابه في اللهجة والشكل والعادات واللون الغنائي الموحد.

ودرجت العادات والتقاليد في الريف التهامي على إقامة زفة الحناء التي يعتبرونها عادة مرتبطة بثقافتهم ونمط حياتهم الاجتماعية ولايمكنهم الاستغناء عنها كونها أصبحت بالنسبة لهم عادة مرادفة للفرحة وطريقة للتعبير عن البهجة والسرور.

نكهة مميزة

لزفة الحناء في الأفراح التهامية نكهة متميزة عن باقي المناطق بما تحمله من تفاصيل مثيرة ومشوقة، ويعتبرها أصدقاء العريس وأحبابه فرصة للتعبير عن فرحتهم بزواج صديقهم ويفرغون من خلالها ما في نفوسهم من فرح وسعادة وسرور.

وتتجمع النساء في بيت العريس في يوم الزفاف منذ الصباح الباكر ليقمن بتجهيز الحناء في أواني كبيرة وهن يرددن أهازيج فرائحية حتى يتممن التجهيز، ثم تتولى أخريات تزيينه بالرياحين استعداد لحناء العريس (الزفة).

وفي تقليد متوارث عن الأجداد، يجتمع أصدقاء العريس ومحبيه وأقاربه في ميدان فسيح ويقومون بدهن شعر رأس العريس وبعض أنحاء جسمه بالحناء وهم يتمايلون على إيقاعات الموسيقى والطرب وأصوات الأغاني الشعبية التراثية الخاصة بزفة الحناء.

طقوس خاصة تشهد زفة في تهامة الحناء طقوساً فرائحية خاصة وغريبة في الوقت ذاته حيث يحرص أصدقاء العريس على تلطيخ وجوه المتواجدين في الزفة وأجسادهم بالحناء ومطاردة من يهرب خوفاً من اتساخ ثيابه وتلطيخه وحتى المارة الذي يتوقفون لمشاهدة الإحتفالية ينالهم نصيب من ذلك.

ويكمل أصدقاء العريس وأقاربه مراسم الزفة بالرقص الجماعي والاصطفاف في دائرة مع العريس الذي يشترك بالرقص معهم وأياديهم متشابكة ثم يقومون بحمله على أكتافهم وهم يرقصون على أنغام الأغاني اللحجية مثل "واعالم حناء.. واعالم حناء.. و"نجيم الصباح .. جالس على الورد والحناء.. واللي ما يحني حنوله".

وقد تغنى الفنانون اليمنيون بالحناء منذ القدم خاصة في الأغاني الشعبية ومن أشهرها "وعلى محناء" وهي من كلمات ولحن الأمير الراحل أحمد فضل (القمندان)، وغناها الكثير من الفنانين من بينهم فضل محمد اللحجي، وفيصل علوي وصالح يوسف الزبيدي ورمزي محمد.

تلطيخ بالإكراه

يقول الناشط التهامي أحمد دوم من أبناء الحديدة لـ" المشهد اليمني " إن طقوس ومراسم زفة الحناء تكون في المخدرة (مكان إقامة العرس) وتبدأ في الصباح الباكر بتجهيز الحناء في إناء بلاستيكي كبير ويشارك فيها أهل العريس وجيرانه وأصدقائه المقربين ومن حضر.

ويضيف: تبدأ المراسيم بالمسح بالحناء لكل من أراد على الرأس والوجنتين وتستمر الى أن تصل الى حدود التلطيخ بالاكراه ولا تخلوا اي مراسيم من النوادر والضحك والبهجة وكل واحد من الحاضرين يريد ان يلطخ الآخر "مراسيم للذكريات.

ويتابع: بعد ذلك يستل الفنان عوده ويبدأ بالعزف و الغناء "وا على امحنا وا على امحنا" ويرقص العريس والاهل والاصدقاء والأحباب حوله يرقصون وسط بهجة وسرور ويقومون بزفه الى منزله لتبدأ بعدها مراسيم الغداء ومن ثم المقيل والسمرة.

حلقة وصل بين الماضي والحاضر

بدوره يقول الشاعر عباس أحمد من مديرية حيران بحجة لـ" المشهد اليمني " إن سكان الريف الساحل التهامي الممتد من الخوخة جنوب محافظة الحديدة الى ميدي في أقصى الشمال الغربي بمحافظة حجة يحرصون على التمسك بالعادات التراثية القديمة في الأعراس ومنها زفة الحناء كونها حلقة وصل بين الماضي والحاضر.

ويؤكد بأن هذا التراث يأبى الإندثار على الرغم من الحداثة والتطور التي طرأت على حفلات الأعراس في بعض المدن التهامية والتي أضاعت بعضاً من طقوسه، وعلى سبيل المثال إقامة العرس في صالة أفراح بدل المخدرة, لافتاً الى تمسك السكان باقامة زفة الحناء حتى في قلب المدن الكبيرة مثل الحديدة.

ويشير الى أن سكان المدن المزدحمة يقيمون زفة الحناء التي تستمر من ساعة ونصف الى ساعتين في الشوارع القريبة من منزل العريس كطريقة للتعبير عن مشاعرهم، ولعكس ما بداخلهم من طاقات إيجابية مؤكداً أن حركاتهم ورقصاتهم وهم ملطخين بالحناء تجذب المارة الذين يتوقفون لمشاهدة تلك الاحتفالية العجيبة.

و تعكس هذه العادات والتقاليد الأصيلة التي يتوارثها الأبناء عن الآباء من جيل لجيل تعلق الانسان التهامي بإرثه الثقافي، وحبه الشديد لأرضه إضافة إلى حرصه على حماية تراثها من الإندثار.

المصدر: المشهد اليمني

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص