الرئيسية - محافظات وأقاليم - بالصور .. تعرف على طقوس «رقصة السلم والحرب» التي يعتبرها أهالي «حضرموت» عنواناً لأعيادهم ..«تفاصيل حصرية»
بالصور .. تعرف على طقوس «رقصة السلم والحرب» التي يعتبرها أهالي «حضرموت» عنواناً لأعيادهم ..«تفاصيل حصرية»
الساعة 09:15 مساءاً (الحكمة نت - خاص: )
تحضر رقصة الشبواني الشعبية بحضرموت بشكل كبير في احتفالات العيد السعيد بمختلف مناطق حضرموت، حيث باتت الرقصة تقليدا عيديا لا يفارق الناس مع كل مناسبة فرائحية للتعبير عن سعادتهم بحدث جميل.

فرغم ظروف الحرب التي يعيشها الوطن تكون الثقافة بمختلف أنواعها نافذة أمل ومفتاح سعادة، لتبقى الألعاب الشعبية قهوة البسطاء يتذوقونها كلما أرادوا، ورمزا للتعبير عن الفرح، وبلسما لنسيان أوضاع الحرب والأزمات المتوالية.

وتكون في الغالب جلسة سمر ليلا، يتناول فيه الشعراء الأوضاع العامة للبلد فضلا عن مناقشة مواضيع تهم المجتمع مثل العادات الدخيلة، وإطلاق النار، وغيرها، وتستمر المسامرات الشعرية إلى وقت متأخر من الليل حيث يختتم السمر بالمبارزة بين الشعراء فتكون المدارة الحلبة الفاصلة بينهم.

يعتبر شعر الشبواني مدرسة يتعلم فيها الشعراء الناشئون ارتجال الشعر، وهو من أكبر العوامل لسرعة البديهة وشحذ الذاكرة وتقوية ملكة الشعر، وفيه تظهر موهبة الشعراء وعبقريتهم، والقارئ للموروث الشعري في حضرموت يجد أن نسبة كبيرة من الشعر الذي قرأه أو سمعه قيل في الشبواني، فقد يصل عدد الشعراء الذي يشاركون في السمر 7 شعراء.

وللتعرف أكثر على رقصة الشبواني أوضح الأستاذ عبدالله سعيد مدير مكتب الثقافة بتريم حضرموت لـ "الوطن" بأن الشبواني رقصة قديمة جدا لا يعرف لها تاريخا محددا من الناحية العلمية ولا المصدر الذي جاءت منه، إلا أن هناك أحاديث تتناقلها الأجيال تقول إن اللعبة ذات جانب وطابع عسكري بحت، وتعتمد على فكرة الكر والفر والتحام الصفوف.

رقصة التلاحم:

ويضيف مدير الثقافة بتريم: "تعتبر رقصة الشبواني رقصة شعبية، وهي من بين الرقصات الشعبية الشائعة في مدن حضرموت، ويمارسها الجميع من الطبقات في المجتمع، بحيث تعبّر عن تلاحم الجميع وتكاتفهم في وقت السلم والحرب تجاه مناطقهم، يعبّرون فيها عن رفضهم الظلم والاستبداد وحبهم المتنامي للحياة السعيدة الهادئة.

عناصر الرقصة

ويواصل مدير مكتب الثقافة بتريم حديثه الخاص لـ "الوطن" قائلا: "تتكون رقصة الشبواني من عناصر أساسية لا بد أن تتوفر حتى يستقيم عود هذه الرقصة، ألخصها فيما يلي:

1ـ صفوف منتظمة من الراقصين تصل عدد الصفوف إلى 5 أو أكثر حيث يحمل كل راقص منهم عصا لا يزيد طولها عن متر واحد، ويرتدي فوق رأسه رداء يسمى (عمامة) أو (رمان) وقميصا أبيض في أغلب الأحيان.

2ـ الشعراء المتواجدون والملازمون للراقصين منذ بداية الرقصة حتى نهايتها يقدمون لهم أشعارهم التي تحكي نفس المناسبة التي أقيمت من أجلها، كما يعبّرون بأشعارهم عن أحداث محلية ووطنية وشعبية متنوعة حسب ما تجود به قريحة الشاعر، ويردد الراقصون هذه الأشعار على ألحان منتظمة بالإيقاعات الشعبية، وبشكل منتظم ومنسق يتجولون في الشارع قرب موقع المناسبة.

3ـ يقود هذه اللعبة الشعبية (الرقصة) شخص يسمى (المقدّم) مقدّم العدة، وهو المسؤول الأول عن توجيه الراقصين من جميع النواحي الخاصة بالرقصة والمتحدث الرسمي لهم أمام الغير.

بدء اللعبة

وعن رقصة الشبواني يختتم مدير الثقافة بتريم حديثه بالقول: تبدأ الرقصة بما نسميه الخابة حيث يتم التمهيد ويجتمع اللاعبون في صفين طويلين يسميا "الشنف"، ويطلقون هذا الصوت "غناء شعبي" ــ وولا كب وولا كب (وَلَّك هوب.. وَلَّك هوب) ــ وهو مصطلح قديم.

بعد ذلك يدخل أحد هواة الشعر ويعطي صوتا خفيفا نطلق عليه صوت الخابة السريعة، لا تتداخل فيه الألحان كثيرا، فتنطلق أصوات الهاجر والمراويس والدف والطويس- جمع طاسةـ ويبدأ الغناء الجماعي لبيت واحد من الشعر، حيث تغني الصفوف الثلاثة الأولى شطر البيت وبقية الصفوف عجز البيت، وتنطلق العدة بإيقاعات خفيفة وسريعة ويستمر هذا إلى أن تصل إلى ساحة أو مكان واسع، في هذه اللحظات يكون جميع اللاعبين قد اكتملوا وحضر الشاعر أو المغني المتخصص في الألحان ليعطي الصوت الجديد، فيصطف اللاعبون مرة أخرى في صفين طويلين لترسيخ الصوت، وبعد ترسيخ الصوت يبدأ اللعب المتروي والمتأني، ويعتبر كل لاعب أنه قد آن الأوان لإظهار مهارته في الرقص.

وتنطلق العدة من جديد بإيقاعات غير سريعة وغناء متروٍّ، ويصطف اللاعبون في صفوف منظمة لا اعوجاج فيها على أن يكون الصف الأول والثاني حاملا خيرة اللاعبين، ومن الجدير بالذكر أنه يوجد قائد للعدة أثناء اللعب يسمى صاحب الطلعة، موقعه يكون في وسط الصف الأول فهو بمثابة الدينمو المحرك الرئيس للعدة، فالأعين جميعها تشرئب إليه ومنه يستمد اللاعبون حركات الكر والفر والالتحام.

عدد صفوف العدة في الغالب لا يقل عن 6 في كل صف من 8 ـ 12 فردا، ومما يميز هذه الرقصة أن الجميع يؤدون حركة واحدة وفي وقت واحد، معتمدين في ذلك على الإشارة التي يصدرها صاحب الطلعة والذي تقترن إشاراته دائما بصوت الإيقاع الصادر من الهاجر، فصاحب الهاجر له دور كبير في تطبيق الكسرات وإتقانها، ويكون بمثابة القائد لبقية الإيقاعيين، وغالبا ما يحرص أن بقية الإيقاعيين عن يمينه ويساره، وبين الفينة والأخرى يدخل الشاعر لإعطاء أبيات على نفس اللحن الذي انطلقت به العدة، هذه الفعاليات التي ذكرت إن كانت عصرا تسمى الترويحة وإن كانت ليلا تسمى السرية.

* نقلا عن صحيفة «الوطن» الرسمية الصادرة أمس الاربعاء: «٢٩ أغسطس ٢٠١٨م».

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص