الرئيسية - محافظات وأقاليم - «الكوليرا» يواصل حصد أرواح أبناء عتمة .. وفرق الاستجابة الطارئة تكشف أسباب ومخاطر تفشيه .. وتحذر من أخطار داهمة مطالبة بالتدخل العاجل ..«آخر التفاصيل»
«الكوليرا» يواصل حصد أرواح أبناء عتمة .. وفرق الاستجابة الطارئة تكشف أسباب ومخاطر تفشيه .. وتحذر من أخطار داهمة مطالبة بالتدخل العاجل ..«آخر التفاصيل»
الساعة 07:43 مساءاً (الحكمة نت - خاص:)
الحكمة نت - تقرير: منصور عمر

أكدت مصادر طبية أن عدد حالات الاصابة بوباء الكوليرا الذي اجتاح عدد من قرى ومناطق مخلاف السمل - مديرية عتمة - محافظة ذمار .. بلغت حتى ظهر يومنا هذا الثلاثاء «٢٣ ابريل ٢٠١٩م» - عدد «٣٩٧» حالة منها «١٣١» حالة اصابة مؤكدة وحرجة، و«٤» حالات وفيات وعدد «26٢» حالة اصابة متوسطة وخفيفة .. الى جانب عدد «١.٨١٣»حالة اصابة مشتبهه .. وان النساء والأطفال يشكلون «90%» من الحالات المرصودة.

واوضحت المصادر لـ«الحكمة نت» ان عدد القرى التي انتشر فيها الوباء تجاوزت حتى الآن الـ«٣٢» قرية .. موزعة بين عزل «بني عبدالصمد - حلمة وبني ايوب - وربع المحصن» وان عدد الحالات المرشحة للإصابة بوباء الكوليرا تتجاوز الـ«1٥.810» حالة وهم سكان القرى والمناطق التي انتشر فيها الوباء وبعض القرى المجاورة لها.

وبينت المصادر ان الأرقام والتوقعات تشير الى استمرار تفشي الوباء في المنطقة ذات الكثافة السكانية العالية خصوصا في ضل الوضع المائي والبيئي غير الصحي الذي تشهده المنطقة، الى جانب ضعف الخدمات الطبية وندرة الادوية والمستلزمات الطبية، بالاضافة الى دخول موسم الأمطار التي تعتبر عامل مساعد لتفشي الوباء .. ناهيك عن اصابة غالبية السكان بحالات الهزال وسوء التغذية وضعف المناعة .. وغير ذلك من العوامل التي تجعل المنطقة بيئة خصبة لتفشي الوباء.

من جانب آخر كشف تقرير فريق الاستجابة العاجلة التابع لمياه الريف الذي قام بالنزول الميداني الى المنطقة وعمل عدد من المعالجات والاحتياطات اللازمة للحد من تفشي الوباء - ان الوضع البيئي الذي تشهده عزلة «بني عبدالصمد» وهي المنطقة الأكثر تضررا من الوباء سيء للغاية حيث تفتقر عدد المنازل للحمامات المائية، وان سكانها ما يزالون يستخدمون العراء لقضاء الحاجة واخرون يستخدمون الحمامات الجافة .. الى جانب انتشار المخلفات الصلبة وروث الحيوانات وبراز الاطفال والبالغين في الازقة وبين المنازل، وان غالبية الأهالي لا يزالون يتقاسمون المنازل مع الحيوانات الامر الذي يجعل بعض المرافق والمحلقات كـ«المطابخ» تتداخل مع الحضائر.

واكد التقرير الذي اعده المهندس خلدون العامري - وحصل «الحكمة نت» على نسخة منه - ان الوضع الصحي ايضا يعد اكثر سوءاً من الوضع البيئي .. لافتا الى افتقار عزلة «بني عبدالصمد» لاي مشروع صحي، وان مبنى الوحدة الصحية الذي كان انشئ قبل سنوات لم يستكمل ويحتاج لعملية تشطيب وتجهيز بالمعدات والاجهزة الطبية اللازمة وكذلك الكادر .. مبينا انه يوجد في المنطقة عدد قليل من المتطوعات الا انهن يفتقرن لأبسط الاحتياجات الطارئة لمواجهة الوباء، وان احدى تلك المتطوعات اصيبت وترقد حاليا في «مستشفى ذمار العام».

وعن أسباب تفشي الوباء في المنطقة قال التقرير: «أنه وبعد التتبع وتحري اسباب تكرار ظهور حالات اصابات جديدة في المنطقة وتفشيها بشكل مهول تبين ان السبب كان نتيجة عدوى انتشرت وسط تجمع نسوي في حفل زفاف وكانت اول حالة لفتاة قدمت من العاصمة صنعاء للمشاركة في احياء حفل الزفاف .. ومنها تداعى الامر بالعدوى من قرية الى اخرى ومن منزل الى اخر عبر المشاركين في حفلة الزفاف» .. مرجعاً أسباب تفشي المرض بشكل سريع الى غياب الوعي الكافي بمخاطر وباء الكوليرا و عملية التعامل مع المصابين .. مؤكدا ان اغلب الأصابات حدثت نتيحة لزيارة المرضى ومخالطتهم - الى جانب حتشاد وتوافد الأهالي للقيام بواجب العزاء واحياء مساكن المتوفين.

واوضح التقرير انه ونتيجة لتفشي الوباء في عدد من قرى المنطقة فقد الذي ادى ذلك الى وفاة عدد من الحالات ونظرا لبعد المنطقة عن مركز محافظة ذمار فقد عجز المثير من الاهالي عن نقل مرضاهم للمراكز الصحية والمستشفيات سيما في ظل ندرة المشتقات النفطية بإستثناء حالات معدودة وهي الخطيىة التي وصلت لمرحلة الجفاف تم نقلها الى مستشفيات «معبر وذمار» .. مشيرا الى ان الأهالي لجأوا لتشكيل فرق نيدانية للقيام بالتوعية ورصد الحالات المصابة، واطلاق مناشدات للجهات المعنية للقيام بعملية انقاذ للأهالي، كما قانوا بإنشاء مخيمات طبية بدعم من المغتربين وفاعلي الخير وتمكنوا من خلال ذلك من توفير بعض الأدوية الطارئة.

وحسب التقرير فإنه وفي الوقت الذي قام مكتب الصحة لمديرية عتمة بتوفير بعض الأدوية حسب الامكانيات المتاحة له - الا ان والدور الاكبر والابرز في مكافحة الوباء يرجع للكادر الطبي المحلي الذي تداعى من العزل المجاورة لتلبية الواجب الانساني في المناطق والقرى التي تفشى فيها الوباء.

وانتقد التقرير ما وصفه بـ«الخطوة غير الموفقة» التي قام بها الأهالي والمتمثلة في اقامتهم احد المخيمات الطبية في احدى المدارس في الوقت الذي لا يزال الطلاب يترددون على تلك المدرسة لاداء الاختبارات النهائية للعام الدراسي .. مؤكدا ان غياب الوعي لدى الاهالي بوسائل انتقال العدوى تسبب في تحويل المخيم الى مكان مفتوح غير محرز يتدفق اليه عدد من الاهالي ومرافقي المرضى بإستمرار.

وكشف التقرير عن افتقار المخيمات الطبية التي اقيمت في المنطقة لكافة الوسائل ومواد النظافة والتعقيم .. الى جانب افتقارها لأسرة الرقود والمفارش اللازمة لأستقبال الحالات .. مبينا ان عملية استقبال الحالات المصابة بالوباء تتم في ارضية الفصول الدراسية وعلى كراتين يتم فرشها تحت المرضى .. مشيرا الى أن تلك المخيمات تعمل على مدار الساعة وان الكثير من الحالا مازالت تتوافد اليها حتى اللحضة.

وعن الوضع المائي اكد التقرير ان أهالي المنطقة يعتمدون في الحصول على مياه الشرب من الغيول الغير محمية والمتوفرة في عدد من قرى المنطقة .. والتي لا تغطي مياهها الاحتياج اللازم للسكان طوال العام حيث تشح في فصل الشتاء .. الى جان السقايات «الخزانات» حيث يوجد عدد قليل من المنازل لديهم خزانات حصاد خاصة .. بينما يعتمدون في توفير مياه الغسيل والاستخدامات المنزلية الاخرى وشرب الحيوانات من خزانات الحصاد البدائية والمكشوفة «البرك والمواجل» والواقعة داخل القرى لصيقة بالمنازل ويتم تعبئتها من حصاد الأمطار عبر اسطح المنازل.

ولفت التقرير الى ان عزلة «بني عبدالصمد» تفتقر لكافة مشاريع الخدمات الاساسية «الصحة - والمياة والكهرباء» وغيرها .. وأن طرقها وعرة جدا وبحاجة لتوسعة ورص .. كما تفتقر لمدرسة ثانوية حيث يوجد بالمنطقة «4» مدارس منها «3» مدارس ابتدائية وواحدة فقط اساسية.

وعن الاحتياجات اللازمة والطارئة للمنطقة اوصى التقرير بضرورة توفير عدد من الاحتياجات الطارئة ان ابرزها يتمثل في الحماية اللازمة للغيول واعادة تأهيلها، الى جانب بناء خزانات تجميعية لمخرجات تلك الغيول .. والعمل على توفير وسائل نظيفة لجلب المياه لكل منزل «دباب سعة 20L» .. وكذا توفير فلترات لتنقية المياه «قطارات» .. بالاضافة الى تنفيذ مشروع مياه متكامل للعزلة ككل مشيرا ان افضل وسيلة تتمثل في بناء سقايات خاصة لكل منزل.

كما اوصى التقرير بضرورة عمل معالجات عاجلة للوضع البيئي في المنطقة من خلال القيام بإنشاء حمامات مائية للمنازل التي تستخدم العراء في قضاء الحاجة وتلك الاخرى التي مازالت تستخدم الحمامات الجافة .. وعمل حفر بيارات وتغطيتها جماعية بحسب التجمعات السكانية او فردية للمنازل المتباعدة .. وتنفيذ حملة توعوية وتثقيفية شاملة لكل المنازل وحثهم على اهمية استخدام الحمامات المائية وكيفية التخلص من المخلفات الصلبة بالطريقة الصحيحة «الحرق».

وفي الجانب الصحي أكد التقرير أن المنطقة تحتاج الى تدخل سريع وطارئ لتوفير العلاجات والمستلزمات الطبية اللازمة، ورفد الكادر الطبي الذي تفرق بين المخيمات الطبية والذي عجز عن مواكبة حالات الاصابة المتزايدة .. وتدريب وتأهيل الفرق الميدانية المحلية التي بادرت بالعمل الطوعي .. بالاضافة الى توفير معقمات ومواد نظافة للمخيمات الطبية .. مطالبا الجهات المعنية بضرورة المسارعة بالعمل على إستكمال الوحدة الصحية وتجهيزها بالمعدات والادوية والكادر المؤهل .. واستحداث اكثر من وحدة صحية في القرى والمناطق الأخرى ذات الكثافة السكانية العالية.

وكان أهالي المنطقة وجهوا مناشدة عاجلة للجهات المعنية اكدوا فيها انه وفي الوقت الذي يزداد الوضع الصحي في المناطق تدهورا وسوءاً .. من خلال تفشي وباء الكوليرا واتساع رقعة انتشارة وتضاعف حالات الاصابة به خصوصا فئة الاطفال - الإ ان الجهات المعنية وتحديدا مكاتب الصحة بالمحافظة والمديرية، وكذا المنظمات الدولية المعنية بمكافحة الوباء لا تزال تغض الطرف، بل وتتعامل بكل برود، وكأن الأمر لا يعنيها بشيء.

واوضحوا في مناشدتهم: ان الوضع في تلك المناطق اصبح كارثيا، والوباء يزداد انتشارا يوما بعد آخر، والفرق الطبية التي هي اساسا من ابناء المنطقة العاملين في المجال الصحي تواجه صعوبات كبيرة نتيجة نفاذ الادوية، وعدم توفر اي وسيلة مواصلات تمكنهم من التنقل والوصول الى المناطق التي ينتشر فيها الوباء، الى جانب مشكلة قلة اعداد الفرق الطبية، التي لم تتمكن من الوصول الى عدد من المناطق التي تفشى فيها الوباء اليومين الماضيين.

ويعيش سكان مديرية عتمة عامة حالة من الرعب والخوف نتيجة تفشي الوباء في مناطقهم والمناطق المجاورة لهم .. وتزداد مخاوفهم نتيجة سرعة انتشار الوباء وكثرة اعداد المصابين به .. الى جانب ضعف الخدمات الطبية وندرة الادوية .. الى جانب دخول موسم الأمطار التي تعتبر عامل مساعد لتفشي الوباء .. ناهيك عن اصابة غالبية السكان بحالات الهزال وسوء التغذية وضعف المناعة، بالاضافة الى الكثافة السكانية العالية التي تشهدها تلك المناطق .. وغير ذلك من العوامل التي تجعل المنطقة بيئة خصبة لتفشي الوباء.

وتقع مديرية عتمة التي تعد اولى وأهم المحميات الكبيعية في اليمن - الى الغرب من محافظة ذمار وتبعد عن مركز المحافظة حوالي «55 كم» تقريباً ، فيما تبلغ مساحتها حوالي «441 كم» وتضم ثلاث دوائر انتخابية .. في حين يقدر عدد سكانها بنحو «٢45.284» نسمة .. وتنقسم الى خمسة مخاليف هي: «مخلاف السمل - مخلاف رازح - مخلاف بني بحر - مخلاف حمير الوسط - مخلاف سماه» .. وتعد «عتمة» من المناطق النائية التي تفتقر لأبسط مشاريع وخدمات البنية التحتية، فيما يعاني سكانها ظروف معيشية غاية في التعقيد والصعوبة.

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص