
جددت الحكومة اليمنية، دعوتها للمجتمع الدولي ومجلس الأمن لتقديم المساعدة لإيجاد طرق ووسائل ممكنة لاستئناف تصدير النفط والغاز كخطوة رئيسية محورية لتحقيق الاستقرار والتعافي الاقتصادي، وتمكين الشعب اليمني من الاستفادة من موارده الطبيعية وتقليل الاعتماد على المساعدات الاقتصادية والإنسانية الخارجية.
جاء ذلك في كلمة الجمهورية اليمنية، التي ألقاها مندوب اليمن الدائم لدى الأمم المتحدة السفير عبدالله السعدي، اليوم، أمام مجلس الأمن في جلسته المفتوحة حول الحالة في الشرق الأوسط (اليمن).
وقالت الجمهورية اليمنية في البيان" إن استمرار تهديدات مليشيات الحوثي الإرهابية المدعومة من النظام الإيراني، واستمرار توقف تصدير النفط والغاز يسارع في تزايد التداعيات الكارثية على المجتمع ومفاقمة الأوضاع الاقتصادية والإنسانية وتعطيل جميع القطاعات الخدمية والصحية والتعليمية، وتضييق سُبل عيش اليمنيين".
وعبّرت عن عظيم الشكر والامتنان لمواقف الأشقاء في المملكة العربية السعودية ودولة الامارات العربية المتحدة إلى جانب الشعب اليمني وحكومته في مختلف الظروف وتقديم الدعم لمواجهة التحديات الاستثنائية والتخفيف من معاناة الشعب اليمني، وتدخلاتهما الانمائية والإنسانية في مختلف المجالات، والتي تمثل عاملاً مهماً في استمرار وفاء الحكومة اليمنية بالتزاماتها الحتمية.
وأكد السفير السعدي، أن الحكومة اليمنية تبذل جهوداً كبيرة في مواصلة تنفيذ مسار الإصلاحات الشاملة لمواجهة التحديات الهائلة في الجوانب الاقتصادية والمالية والنقدية والإدارية والإنسانية والوفاء بالتزاماتها وتفعيل آليات الحوكمة وتعزيز مبادئ الشفافية وتجفيف منابع الفساد والعمل بمعايير الكفاءة والنزاهة وتحقيق الاستقرار الاقتصادي وتحسين الأوضاع الاقتصادية والإنسانية وضمان انعكاس ذلك وبشكل ايجابي على مستوى الخدمات الأساسية والأوضاع المعيشية للمواطنين، الا ان التحديات الراهنة والكبيرة التي تواجه الحكومة اليمنية هي النقص الحاد في الإيرادات العامة الرئيسية التي تعتمد عليها موازنة الدولة.
ولفت إلى أن استهداف المليشيات الحوثية لمنشآت تصدير النفط والتوقف التام لتصدير النفط والغاز، أدى إلى تعطيل اهم قطاع اقتصادي في الجمهورية اليمنية، حيث تساهم الصادرات النفطية بما يقارب 90 بالمائة من إجمالي الصادرات السلعية و80 بالمائة من اجمالي إيرادات الموازنة العامة للدولة، وانه بتوقف إنتاج وتصدير النفط والغاز، خسرت الدولة أهم مصادر تدفق العملة الصعبة التي تغذي الاحتياطيات الخارجية من النقد الأجنبي، وتمول واردات السلع الغذائية وغير الغذائية، وتدعم استقرار سعر الصرف.
وشدد على أن تراجع حجم الموارد العامة يهدد بعجز الحكومة عن الإيفاء بالتزاماتها المالية تجاه الإنفاق على الخدمات العامة، وفي مقدمتها الكهرباء ودفع رواتب الموظفين .. لافتاً إلى أن أثر توقف الصادرات النفطية لا يقتصر على خسارة الحكومة لمزيد من الموارد المالية فقط، والتي تقدّر بحوالي سبعة ونصف (7.5) مليار دولار أمريكي منذ أكتوبر 2022، بل أدى ذلك الى تدهور سعر العملة الوطنية وأضعف قدرة الحكومة على التدخل في أسواق الصرف وتوفير العملة اللازمة لاستيراد السلع، وتوفير الخدمات الأساسية ودفع مرتبات الموظفين بصورة منتظمة، بالإضافة الى تراجع المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية ومؤشرات التنمية.
كما جدد تأكيد مجلس القيادة الرئاسي والحكومة التأكيد على الحرص على إنهاء الحرب وتحقيق السلام الشامل والدائم المبني على مرجعيات الحل السياسي المتفق عليها وبمقدمتها قرار مجلس الأمن الدولي 2216 .. قائلاً " ويؤسفنا اليوم القول ان كل هذا الحرص والجهود الاقليمية والدولية وجهود الامم المتحدة عبر مبعوثها الخاص إلى اليمن الهادفة إلى انهاء هذه الازمة، قوبلت بتعنت ورفض المليشيات الحوثية الارهابية المدعومة من النظام الإيراني، وسعت لإفشال كل المساعي والمبادرات خلال السنوات الماضية واثبتت التجارب ان هذه المليشيات لا تؤمن بالسلام والحوار ولا تلتزم بالاتفاقات ولا تحترم كل تلك الجهود والمساعي لوقف حربها ورفضها الانخراط بمصداقية وحسن نية في المسار السياسي".
وأضاف " أن المليشيات تسعى إلى إطالة امد حربها ضد الشعب اليمني وتدمير مقدراته وتعميق معاناة اليمنيين وممارسة المزيد من العنف والتصعيد وتوسيع رقعة القمع والانتهاكات في مناطق سيطرتها وتهديد المصالح الاقليمية والدولية وخطوط الملاحة الدولية وسفن الشحن البحري في البحر الأحمر ومضيق باب المندب وخليج عدن، ولا تتوقف عن سياسة تجويع وإفقار اليمنيين وتدمير كل مقومات حياتهم والقضاء على آمالهم في حياة طبيعية وكريمة".
ولفت إلى ان المليشيات الحوثية لا ترى في ابناء شعبنا اليمني سوى وقوداً لحروبها التي تخدم مصالحها ومشاريعها التدميرية ومصالح داعميها، وأنه قد حولت اليمنيين إلى أدوات لتنفيذ اجندات لا تمتُّ بصلة لتاريخ وثقافة وحضارة هذا الشعب العريق ومصالحه، بل للمتاجرة بدماء اليمنيين لتحقيق مكاسب عسكرية وسياسية وإعلامية.
وأشار إلى أن المليشيات ادخلت المواطن اليمني في حالة من الفقر والجوع ودمرت مقدرات اليمن الاقتصادية والثقافية ونسيجه الوطني، بما في ذلك فرض حصار اقتصادي ممنهج على الحكومة اليمنية والشعب اليمني من خلال أعمالها الارهابية واستهداف المنشآت النفطية وموانئ تصدير النفط وإعاقة وصول المساعدات الإنسانية إلى مستحقيها ونهب رواتب الموظفين وتسخيرها لتمويل حربها ضد اليمنيين.
وتابع مندوب اليمن الدائم لدى الأمم المتحدة السفير السعدي بالقول " ويحمل مجلس القيادة الرئاسي والحكومة اليمنية المليشيات الحوثية الإرهابية المسؤولية الكاملة عن تدمير مقدرات الشعب اليمني والبنية التحتية والإضرار بمصالح الشعب اليمني وأمنه القومي وتعريض حياة ومعيشة اليمنيين للخطر، وجر اليمن الى حروب لا تنتهي واستدعاء ضربات المجتمع الدولي وعسكرة المياه الإقليمية كردة فعل ونتيجة كانت متوقعة لردع تهديداتها وهجماتها على طرق الملاحة الدولية وعصب الاقتصاد العالمي".
وجدد دعوة المليشيات إلى السلام والتوقف عن نهجها العدواني وتغليب المصالح الوطنية على مصالحها ومصالح داعميها وإلقاء السلاح والجنوح للسلام والتخلي عن المشروع الإيراني التخريبي في اليمن والمنطقة، وطي صفحة هذا الصراع والشروع في بناء مستقبل مشرق يعيد لليمن حريته ومجده وكرامته وسيادته.
كما قال " وفي الوقت الذي نشيد بجهود المجتمع الدولي لتأمين وحماية الممرات البحرية الدولية في البحر الأحمر ومضيق باب المندب، فأننا نؤكد مجددا على ان انهاء خطر وتهديد المليشيات الحوثية على هذه الممرات وسفن الشحن البحري مرهون بتقديم الدعم للحكومة اليمنية وممارسة سلطاتها على كامل التراب اليمني وخلق شراكة استراتيجية فعالة مع المجتمع الدولي على كافة الأصعدة، وبناء نهج جماعي لوقف هذا التهديد وضمان امن واستقرار اليمن والمنطقة، والأمن والاستقرار الاقليمي والدولي، وتعزيز قدرات الحكومة اليمنية كشريك وثيق في مكافحة الارهاب والجريمة المنظمة وتأمين المياه الاقليمية والممرات البحرية الدولية ومواجهة التحديات المشتركة".
وجدد التأكيد على ان نجاح اي مقاربة سياسية لتحقيق الاستقرار والسلام في اليمن يتطلب إدراك الأسباب الجذرية لطبيعة هذا الصراع وحقيقة ونهج المليشيات الحوثية وعدم التغاضي عن ممارساتها وإجهاضها لكل المساعي والمبادرات لإنهاء هذه الحرب المدمرة ووضع حدٍ لنفوذ وتدخلات النظام الإيراني في شؤون اليمن والمنطقة، والمزعزعة للأمن والاستقرار الاقليمي والدولي، والتحرك الجماعي لردع خطر وتهديد المليشيات الحوثية وتصنيفها جماعة ارهابية اجنبية.
كما دعا السفير السعدي في كلمة الجمهورية اليمنية، المجتمع الدولي وكل الشركاء إلى الانضمام إلى خطوات تصنيف هذه المليشيات منظمة إرهابية اجنبية، لما تمثله من تهديد لأمن واستقرار اليمن والمنطقة والعالم، واتخاذ الاجراءات الصارمة لتجفيف منابع تمويلها وتسليحها، حيث ان الصمت والتغاضي عن مواجهة هذه التهديدات وهذه الأعمال الارهابية سيؤدي إلى مزيد من التصعيد والعنف والابتزاز واشاعة الفوضى والدمار في اليمن والمنطقة.
واستطرد بالقول " منذ قرابة عام، شهدنا، وبشكل غير مسبوق، حملات من الاختطافات والاعتقالات التعسفية التي شنتها المليشيات الحوثية الإرهابية ضد موظفي الأمم المتحدة والمنظمات الدولية العاملة في اليمن والمجتمع المدني وموظفي البعثات الدبلوماسية، دون ان تتخذ الأمم المتحدة وهذا المجلس الموقر أي إجراءات فاعلة وملموسة لإطلاق سراحهم دون قيد او شرط" .. مضيفاً "انقضى عام، والمجتمع الإنساني والاغاثي في مناطق سيطرة الميليشيات الحوثية يشعر بالخذلان والخوف المتصاعد في حين تواصل وكالات الأمم المتحدة العمل على النحو المعتاد Business as usual”".
وتابع " إن الإفلات من العقاب وعدم التعامل الجاد مع استخفاف المليشيات الحوثية بسلامة موظفي الأمم المتحدة والمنظمات الدولية والمجتمع المدني، يعدّ بمثابة تشجيع لهذه المليشيات للاستمرار في ارتكاب المزيد من الانتهاكات، ونذكّر مجدداً بتحذير الحكومة اليمنية من ان هذه المليشيات لن تتوقف عن ابتزاز المجتمع الدولي والإنساني، وستقوم بالمزيد من هذه الاعتقالات والانتهاكات ضد المدنيين والعاملين في المجال الإنساني، ولن تتوقف عن إساءة معاملة المحتجزين قسراً في سجونها".
وقال السفير السعدي " إن الحكومة اليمنية تطالب مجدداً بنقل مقرّات وكالات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية العاملة في اليمن الى العاصمة المؤقتة عدن لضمان بيئة آمنة ومستقرة للعمل الإنساني والاغاثي دون أي عوائق، والحد من عمليات النهب التي تمارسها المليشيات الحوثية واستغلالها للمساعدات الإنسانية لصالح ما يسمى المجهود الحربي لمواصلة حربها ضد الشعب اليمني".
وحذر بقوله " إنه في ظل استمرار تدهور الوضع الاقتصادي والإنساني الذي فرضته الميليشيات الحوثية، وأزمة النزوح الداخلي، والكوارث المرتبطة بالمناخ، وما يصاحبها من انتشار للأوبئة والأمراض، فان الفجوة الزائدة بين الاحتياجات الإنسانية الآخذة في الارتفاع، والتمويل اللازم لتخفيفها، تهدد بتعريض ملايين اليمنيين للخطر، وحرمانهم من المساعدات الضرورية للبقاء على قيد الحياة، كالغذاء والرعاية الصحية وخدمات الحماية، وتنذر بزيادة معدلات انعدام الأمن الغذائي الحاد ومعدلات سوء التغذية، خاصة بين أوساط النساء والأطفال وكبار السن، لاسيّما في ظل ما تواجهه المنظمات الإنسانية في مناطق سيطرة المليشيات الحوثية من عراقيل وتدخلات لحرف مسار المساعدات بعيداً عن مستحقيها".
وأضاف " لا شك ان النساء والأطفال هم الفئتان الأكثر تضرراً من الصراع، حيث تتعرض النساء اليمنيات في المناطق الخاضعة لسيطرة المليشيات الحوثية لجرائم وانتهاكات غير مسبوقة، حيث تمارس المليشيات الحوثية بحقهن جرائم الاختطاف والإخفاء القسري، ويتعرضن للعنف والابتزاز، فضلا عن جرائم التحرش والاعتداء الجنسي والتعذيب النفسي والجسدي، وفرض إجراءات وقيود مشددة لتقييد حركتهن وحرمانهن من ابسط حقوقهن في الحصول على التعليم الجيد ومزاولة العمل خارج المنزل والمشاركة السياسية والاجتماعية والإسهام في بناء وتنوير المجتمع .. مختتماً بالقول " وفي الوقت الذي نثمّن الجهود المبذولة للتخفيف من المعاناة الإنسانية في اليمن، فإننا نناشد المجتمع الدولي والأمم المتحدة إلى تعزيز الدعم المقدّم للاستجابة الإنسانية في اليمن، وسدّ فجوة التمويل القائمة، خاصة في ظل تزايد الاحتياجات الإنسانية".
- المقالات
- حوارات