الرئيسية - محافظات وأقاليم - التعاطي مع الحروب والأزمات .. بين حكمة الأبطال الوطنيين وحماقة الخونة المتربصين .. أحداث «عدن» إنموذجاً ..«تقرير»
التعاطي مع الحروب والأزمات .. بين حكمة الأبطال الوطنيين وحماقة الخونة المتربصين .. أحداث «عدن» إنموذجاً ..«تقرير»
الساعة 07:24 مساءاً (خاص - تقرير: إبراهيم ناجي)
تتجلى معادن الرجال العظماء والقادة الأبطال، والمسئولين والحكماء والنبلاء والوطنيين وغيرهم - من خلال الكيفية التي يتعاملون بها مع واقعهم ومن حولهم، ومع ظروف وتحولات الحياة ومشاكلها وازماتها وتحدياتها، وكل ما يتخللها من منغصات .. فليس صحيحاً ان تطلق على شخصٌ ما صفة «بطل - أو حكيم - أو وطني» دون أن تمعن النظر في ماضيه وتقيم انجازاته ونجاحاته وشجاعته وبطولاته وصبره وحلمه وورزانته وتعقله في الأزمات والشدائد، والعكس صحيح.

والشجاعة والبطولة إذا لم يتحلى صاحبها بالحكمة والحنكة والدهاء والصبر ورجاحة العقل - فإنها تتحول الى حماقة وهماجة وبلطجة وغباء .. وهذا ما أكدته وأثبتته التجارب على امتداد التاريخ الانساني إجمالا .. ويمكننا القول ان من الحسنة الوحيدة التي خلصنا اليها من خلال هذا الكم الهائل من الحروب والأزمات والمشكلات والتحديات الجمة التي تعصف بنا وببلدنا - أنها عملت على فرز وغربلة كافة مكونات وقيادات وافراد الشعب اليمني وبشكل دقيق وعميق وغير مسبوق - حيث اظهرت من هم الابطال والشجعان والمسئولين الوطنيين الحقيقيين الحريصين عن اليمن وسيادته وامن واستقرار ورخاء شعبه .. ومن هم الانذال والهمج والغوغاء والمتآمرين والخونة والعملاء ممن يستغلون الوطن والشعب في سبيل رفع الشعارات الزائفة وتحقيق المصالح والرغبات والاطماع الشخصية التافهة - لتتضح من خلال ذلك وبجلاء الصورة الحقيقة والكاملة للشعب اليمني بمختلف افراده وفئاته.

بين الوطني والمتربص

لن نذهب بعيدا وسنكتفي هنا بتسليط الضوء على طبيعة الاحداث المؤلمة والمؤسفة التي شهدتها العاصمة المؤقتة «عدن» مؤخرا، والتي نستطيع القول بأنها ازالت كل الاقنعة، واظهرت كل ما كان مخفي ومستور،سلبا وايجاباً .. لتتجلى امامنا من خلال ذلك كله حقيقة من يقف في صف الوطن والشعب ويحرص على مصالح الأمة وامنها واستقرارها ورخاءها .. ومن يضمر الشر للبلد وابنائه، ويتاجر بقضاياه، ويتربص بكل ما هو جميل وخلاق فيه.

مسعروا الحرب

بالعودة الى سبب تلك الأحداث الدامية ومسعرها نجد ان من يسمون انفسهم بـ«قيادات المجلس الانتقالي الجنوبي» المزعوم هم من اشعلوا نارها منذ البداية .. ففي الوقت الذي كانت الحكومة الشرعية بقيادة الدكتور احمد عبيد بن دغر حققت انجازا تاريخيا تمثل في اعلانها عن موازنة عامة للدولة للعام الجاري «2018م» وهي المرة الاولى التي تحدد فيها موازنة للدولة منذ انقلاب مليشيا الحوثي على الشرعية العام «٢٠١٤م» - سارع اولئك المتربصون لإختلاق ذريعة فساد الحكومة مطالبين بإقالتها، والملفت أن خطابهم ذاك صدر بصيغة التهديد بالعنف في الوقت الذي هم في الاساس يعدون كيانا خارج عن القانون وغير معترف به رسمياً .. ورغم مساعي وخطاب التهدئة الذي انتهجته الحكومة الشرعية الا ان اولئك الاشرار ظلوا يصعدوا ويهددوا ويتوعدوا .. الامر الذي يؤكد انهم كانوا عاقدين العزم على تفجير الوضع عسكريا ويضمرون الشر لعدن واهلها ولليمن بشكل عام.

حرص الحكومة على التهدئة

ورغم كل ذلك التصعيد والتهديد والوعيد الإ ان رئيس الحكومة الدكتور أحمد عبيد بن دغر .. ظل حريصا على التهدئة، وحرصه ذاك نابع من حرصه وخوفه على الوطن وسلامة ابنائه، وعدم شق صف الجبهة الداخلية التي تواجه تحديات خطيرة في حربها ضد مليشيا الانقلاب الحوثي الايرانية .. وقبل يوم على انتهاء المهلة التي كان حددها اولئك الفوضويون والخونة بأسبوع، أصدرت وزارة الداخلية قراراً بمنع التظاهرات في «عدن» وذلك حرصا منها على سلامة المواطنين .. وهو الامر الذي اتخذه اولئك المخربون وسيلة لتفجير الحرب .. وبالفعل قامت تلك المليشيات بنشر مسلحيها في الكثير من احياء عدن لتبدأ المواجهات المسلحة التي حرصت الحكومة الشرعية خلالها على انتهاج اسلوب الدفاع عن النفس وعلى مصالح ومؤسسات الشعب .. لكن اولئك المتمردون كشفوا عن وجوههم القبيحة ونفسياتهم الحاقدة والناقمة حيث باشروا باطلاق النيران على كل شيء في المدينة وبشكل هستيري غير عابهين بأرواح الناس وممتلكاتهم ومصالحهم العامة .. الامر الذي اضطرت فيه قوات الجيش الوطني والوية الحماية الرئاسية للرد بقسوة، حيث تصدت لهجومهم ذاك في مختلف الاحياء .. وتمكنت من بسط سيطرتها على معظم مديريات واحياء المحافظة وخلال ساعات معدودة .. كما تمكنت من اسر العشرات من عناصر مليشياتهم والاستيلاء على العديد من الاليات العسكرية والأسلحة .. في الوقت الذي ظلت تدعو فيه الى وقف اطلاق المار وتغليب الصالح العامة.

تخريب مصالح الشعب

عندما وجد اولئك المتمردون انفسهم خاسرون لجاوا للقيام بإقتحام وتدمير عدد من مؤسسات الدولة ومن بينها مباني المجمع القضائي ونهب محتوياتها المتمثلة بالأجهزة والمعدات والأثاث المختلفة ليؤكدوا من خلال ذلك ان الدولة لا تهمهم، وان مصالح الناس لا تعنيهم ايضا في شيء، وان كل همهم منصب في تحقيق رغبات واطماع شخصية رخيصة .. ولان محاولتهم هذه ايضا لم تفلح لجاوا حينها للإستغاثة بالتحالف العربي .. حيث وجهوا لقيادة التحالف دعوة للتدخل ووقف الحرب .. وبالفعل استجابت قيادة التحالف ووجهت دعوة للقيادة السياسية والحكومة الشرعية لوقف المواجهات المسلحة .. وهو ما تجاوب معه فخامة رئيس الجمهورية ودولة رئيس الوزراء فورا .. حيث وجهوا بسحب قواتهم ووقف اطلاق النار.

اصرار على التدمير

بالفعل استجابت قوات الجيش لتوجيهات فخامة رئيس الجمهورية ودولة رئيس الوزراء وتراجعت الى وحداتها السابقة .. وتم تنفيذ الامر فعلا .. وبعد ذلك تم توقيع اتفاق بين الحكومة الشرعية ومليشيا «المجلس الانتقالي» الانقلابية نص على وقف إطلاق النار في العاصمة المؤقتة عدن وسحب المظاهر المسلحة وبإشراف التحالف العربي .. الا ان تلك المليشيا الانقلابية فاجأت الجميع وسرعان ما نكثت بذلك الاتفاق حيث استغلت الهدنة لمباغتة احد الوية الحماية الرئاسية وقتلت العشرات من الجنود .. لتؤكد من خلال ذلك انها لا تضمر للبلد والشعب سوى الشر وان اولئك البسطاء من سكان عدن لا يعنوها في شيء حتى لو كانت النتيجة احراقهم وفناءهم جميعاً.

تغليب العقل والمنطق

وعلى الرغم من ذلك كله ظلت القيادة السياسبة والحكومة الشرعية ملتزمة بالهدنة وغلبت العقل والمنطق .. خصوصا بعد ان ادركت ان تلك المليشيات لا تراعي في تعاملاتها ديناً ولا عهداً ولا ذمة، وان مواجهاتها وتعاملاتها وخطابها وكل سلوكها مجرد من القيم والاخلاقيات الانسانية .. لذلك التزمت بوقف اطلاق النار .. واستجابت لدعوات الاخوة في قيادة التحالف العربي مجددا، وعادت لتوقيع الاتفاق مع اولئك الحمقى والمتربصين من جديد .. لتثبت من خلال ذلك ان الشعب اليمني وامنه واستقراره وسلامته وكل مصالحه يظل بالنسبة لهاةفوق كل الاعتبارات .. وفي المقابل اثبت اولئك المتمردون والمخربون والحمقى انهم ليسوا سوى مجموعة من اللصوص يسعون لتنفيذ اجندة تخريبية وتآمرية لا علاقة لها بالوطن والشعب، وجميعها تصب في خدمة اطراف خارجية حاقدة وناقمة على الوطن وقيادته الشرعية.

دروس «بن دغر»

ومن خلال ما سبق كله نخلص الى القول: لا يمكن للكراهية والحماقة أن تقهر الكراهية .. وإنما الحب وتحكيم العقل والمنطق وتغليب المصالح العليا للوطن والشعب يمكنها ان تقهر الكراهية بكل مفرداتها .. وذلك لان الكراهية تشوه العاطفة وتشوه السلوك والأخلاق لأنها في الأساس تعد شعور سلبي كامن .. في حين الحب يعد رفيق العظمة لأنه يقبل الايثار والمسئولية والمعاناة ويجعل المرء مستعداً للتضحية بدمه بل ومستعداً للموت أيضاً من اجل وطنه ومن أجل الآخرين من أبناء شعبه .. وهذا بالفعل ما أثبته وعلمنا اياه دولة رئيس مجلس الوزراء الدكتور أحمد عبيد بن دغر من خلال تعاطيه وتعامله مع تلك الاحداث المؤسفة ومن خلال مواقفة وادواره وانجازاته وكل نجاحاته السابقة إجمالاً، والتي باتت ماثلة للعيان وتتحدث عن نفسها، ولم تعد خافية على أحد.

وللتأكيد على ذلك نستشهد بهذه الفقرة البسيطة التي اوردها هذا القامة الوطنية العظيمة والسامقة في مقالته الأخيره التي نشرت أمس قبل الأول تحت عنوان: «حديث في المواجهة التاريخية مع الآخرين» .. والتي قال فيها: "من لديه رسالة كبرى، وقيماً وأهداف مثلى وقد وضعت تحت الإختبار وحتى الاختبار العنيف، عليه أن يتمثل التجربة الإنسانية وما خلصت إليه في هذا الشأن، وأكدتها الأديان الكبرى ومنها تلك القيم التي حملتها الرسالة النبوية في الصفح والعفو والإحسان المتبادل، كي نتعايش ونصل للأهداف المشتركة، وفي نفس الوقت نؤكد إنسانيتنا .. فلسفة القضايا خير من تسييسها، في الأولى نتجه نحو العقل والضمير الإنساني، وفي الثانية نغوص في المشاعر والأحاسيس التي لا تفرق أحياناً كثيرة بين الإنسان والحيوان" .. وبتأمل هذه الرسائل العظيمة لا نجد سوى القول: صدقت يا «بن دغر» .. وأحسنت أيها الوطني الكبير .. دمت حكيما وقائدا وعظيما وشامخاً .. والخزي والعار لكل الخونة والمتمردين والاقزام.

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص