ايهاب الشرفي
عينة من حشد السبعين !!
الساعة 09:16 مساءاً
ايهاب الشرفي

 


بكل تواضع اجر الخطى نحو سوق القات  حامل في كنانتي بعض المئات من الريلات ، المقطعة ، صوب ذالك القديس المتكئ على كرسية المرتفعة ، يقسم على هذا و ذاك ليمد خلسة في خُرجة ، ينتزع اكسير الحياة ، مقدماً لي ، اكثرةُ بياض و اخضرارا .

 

في طريقي نحو القديس ، صادفت شابا كانه هيكلٌ من عهد فرعون أو عيسى الكليم ، يمتد ببقايا جسده المتهالك على كرسي الباص ، و اضعاً على رأسه عصبة ذو قرنين تشبه الشيطان في أفلام هوليود المرعبة ، على ثوبة بقايا الكلورفيل ، وفي يديهِ صورً مختلفة و شعارات لم تشفع لجسدة النحيل امام جوع الزمن و آفات العصر .


شدني الفضول إلى سؤاله ، ماهذة الصور ؟؟ ليجيب بهزالة و ركاكة صوت إنهُ السعيم المفدى و رجل اليمن الاول ، جئت بها من السبعين ، و استطرد يشرح قصة الحشود وكيف هتفت و صرخت بأعلى صوتها عندما أعتلى الزعيم المِنصة ..


يقول ان الهتافات هزت الأرض و أسقطت تكبر أمريكا و زلازلت الخونة و العملاء ، و وصلت إلى قصر سلمان لتصِيبهُ بالحسرة و الندم ، مضيفا في حديثهِ البلدي الخالي من كل الألفاظ العربية ، جملة من المتناقضات و السرد الفنتازي لما حدث اليوم في السبعين ، متسائلا ألم تحضر انت ؟ فاجبته بلا !! ما أن أتممت نفّسي الاخير بقول لا ، إلا و داهمني بإتهامات ما أنزل الله بِها من سُلطان ، خيانة ، عمالة ، إرتجاف ، خُذلان ، طابور خامس ، إلى ان اوقَفتهُ الذاكرة حتى لم يبقى لديه ما يقول .


و استثنى حديثة عن الزعيم ، لو ترى عينك يا هذا كيف كنا نؤيد الزعيم .. كيف كنا نصرخُ للزعيم ، كيف قدمنا أرواحنا للزعيم .. كيف كانت تلك الحشود تحت الزعيم .

حتى النساء لم يخفن من الجري و راء سيارة الزعيم عندما أقبل و بنفس الحالة عندما أدبر .. لم نطالب بالرواتب لاننا في وضع حرب لم نطلب إنهاء الصراع لان الزعيم وعد ان يِقدمنا جيوش جديدة إلى جبهات القتال ، لسنا نهتم بالدنيا ليعيش الزعيم ، ليس الوطن أهم من الزعيم ، ولأنك لم تحضر الميدان فلا يمكنك الشعور بحجم الوطن كما نراه .

 

اراقبه بصمت ، ليس خوفا او وجلا ، إلا لأنه لم يسمح لاحدً بالحديث ، وضل يهذي حتى و صلنا الى اخر محطة للباص الصغير ،  يا الله حمدا على نعمتك و نعمتك ايضا ، أن فككت عني عقدة ذالك الرجل و اخرجتني من ورطة رميت نفسي إليها لاستمع لمعتوه مثله و ما اكثرهم .

 

القديس ينتظر ، و أوراق ألقات تكاد أن تنحني رأكعة لربِها بصمتٍ جميل ، رغم ضوضا السوق المكتض بالاولوان الزرقاء و الخضراء و نظرات الشر توشك ان تنفجر في سوقنا الصغير .. فلمن الغلبة اليوم ، سؤال لم اجد له إجابة !!.


بين يدي القديس ، يتسلل بين أذني سؤال و إجابة ملتصقين كطوب شيد به بناء ، من رجل سمين يرتدي معطف عفى على لبسة الزمن ، يقول "السارق اليوم يحتفل في السبعين و قد نهب كل اموال الشعب" ياتيه رد بسيط من رجل ذو بدلة سوداء اشبه ما يكون برجل مخابرات أمريكية  "الستم من نهب الأموال يا صاحب صعدة ؟؟" تعلوا قهقهة مملة ، يتبعها رد ساخر يعبر بلا شك عن رأي قيادات الصف الأول للحوثيين ، لا.. نحن لم ندرك منها إلا الفتات ، معقبا بسرعة ، كل الأموال كانت قد نهبت حقا ، متسائلا بتعجب و شرح طريف .. انت تتحدث عن 6 مليار دولار و ما نهب قبلنا كان مئات المليارات .

 

اشيح بوجهي نحو السماء ، طالبا من الله الغفران ، و الإستجابة لدعوة كنت قد أرسلتها طيل السنوات العشر الماضية ، لا أرغب سوى بزوجة صالحة تشاركني الحياة بكل أوجهها ، ومنزل كبير يتسع لكل ما أحتوية من أحلام ، و تجارة تفتح أبواب السماء بصدقات و زكاة و معونة لكل أولئك الضعفاء الذين عرفتهم يوما ...


بعد اخذ حزمة القات من القديس هممت بالعودة إلى المنزل ،  أصابني الخوف من رجل آخر قد يكون عاد من السبعين ليكون جاري في كرسي الباص مرة أخرى ، لذى أخذت دراجة نارية تجنبني كل تلك الترهات ، لاعود خالي الوفاض منها إلى متكئي ، اداعب جوالي و يداعبني حتى بزوغ شمس يوم اخر .


و لعل في تدبير الله شؤون لا نعلمها .. و رب ضارة نافعة .. و املي كبير بأن يصبح اليمن اجمل .

بقلم / ايهاب الشرفي

 

 


.

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص