منصور الصمدي
«العليمي» القائد والقامة والقيمة .. ومسئوليتنا لمؤازرته
الساعة 07:39 مساءاً
منصور الصمدي

بقلم: منصور الصمدي
كانت لحظة قدرية فارقة في تاريخ هذه البلاد، تلك التي قُدّر فيها لإخواننا قيادات وممثلي الأحزاب والمكونات السياسية اليمنية المشاركين في مؤتمر الرياض الأخير، وللرئيس السابق عبدربه منصور هادي، أن يقع إختيارهم على رجل دولة وقائد إستثنائي بحجم ومكانة وحنكة وحكمة ودهاء وفطنة الدكتور رشاد محمد العليمي، لتولي رئاسة مجلس القيادة الرئاسي - ليصنعوا بذلك حدثاً تاريخياً هاماً سيظل اليمنيين ممتنين لهم عليه جيلاً بعد جيل .. ذلك كون هذا القائد دون سواه يعد الأكفأ والأجدر والأقدر والأنسب لتولي إدارة شئون البلاد في هذه المرحلة الصعبة والحرجة والمفصلية من تاريخ شعبنا .. فإلى جانب كونه رجل دولة وسياسي مخضرم يتمتع بكل امكانيات ومؤهلات وخبرات وملكات القيادة والإدارة والحكم الرشيد، فإنه أيضاً مناضل وطني تكثفت اليمن في ثناياه.

لم يأتِ الدكتور رشاد العليمي الى السلطة من بوابة الإنقلاب، أو المشيخة، أو النفوذ، أو المحاصصة الحزبية، أو القرابة لأحدى القيادات - بل إنه نالها بعلمه وكفاءته وقدراته ومهاراته وإجتهاده وإخلاصه لوطنه وشعبه .. فعلى مدى الـ«47» عاماً ظل يعمل بكل دأب وجد وإخلاص وتفاني في سبيل خدمة هذه البلاد وأهلها، متدرجاً في المناصب من أسفل الهرم الوظيفي، بدءاً من موظف بسيط في كلية الشرطة، مرورا بعمله كضابط في البحث الجنائي، ثم أستاذاً ومحاضراً في جامعة صنعاء، ثم مديراً للشؤون القانونية بوزارة الداخلية، ورئيساً لمصلحة الهجرة والجوازات، ومديراً لأمن محافظة تعز، وصولاً الى تعيينه وزيراً للداخلية، ونائبا لرئيس الوزراء، ومستشاراً لرئيس الجمهورية، ليصل به الحال بأن أصبح محل إعجاب واحترام وتقدير مختلف المكونات والقيادات السياسية، والأوساط الشعبية .. ما يعني أن وصوله لرئاسة الدولة كان نتاج ذكاءه وجهده وكفاءته ونزاهته ووطنيته، وما حققه من نجاحات وإنجازات.

مالا يعرفه الكثيرون عن الدكتور رشاد العليمي، أنه يعد أذكى وأرقى سياسي يمني الوقت الحالي «وفق تقييم العديد من المراقبين»، يمتلك رصيد تراكمي من الخبرات والتجارب في الساحة السياسية تمتد لأكثر من أربعة عقود، منها عقدين قضاهما بين دهاليز مؤسستي الحكومة والرئاسة مؤثراً بأفكاره ومواقفه .. وعاصر خلال هذا المشوار الطويل أغلب القيادات السياسية والفكرية في البلاد .. فضلاً عن كونه يعد أبرز الرموز الوطنية الأقوياء والمعتدلين المتصالحين مع الجميع، الأمر الذي جعله الأنموذج السياسي الأكثر إحتراماً وقبولاً لدى مختلف مكونات وشرائح المجتمع اليمني .. بالإضافة الى ما عُرف عنه من مهارات عبقرية في حل الخلافات وصناعة التوافقات، والمامه العميق والواسع بمصالح اليمن الوطنية .. وفوق ذلك كله أنه وطني حد النخاع، ولاءه منصب لليمن الأرض والإنسان فقط، وثوابت الوطن بالنسبة له من المقدسات التي لا مجال للمساومة عليها.

ما لا يعيه الكثيرون عن الدكتور رشاد العليمي، أنه دون الكثيرين سواه لديه المام شامل ودقيق بالتركيبة السياسية والإجتماعية لليمن «الإنسان والجغرافيا» شمالاً وجنوباً وشرقاً وغرباً .. فمن خلال مشواره النضالي الطويل، الى جانب تخصصه في علم الإجتماع، والمامه بتاريخ اليمن القديم والحديث والمعاصر، إستطاع أن يسبر أغوار هذه البلاد بكل مكوناتها ومفرداتها وتفاصيلها وسكانها، ويعي تماماً طبيعة علاتها وأزماتها ومآسيها، والتحديات والأخطار التي تترصدها، ومعاناة وعذابات أهلها الذي نشأ وترعرع في أوساطهم .. ما يعني أنه الأكفاء والأقدر والأعلم بكيفية انتشالها من المنزلق الخطير الذي علقت به، ووحده سيعيد لها إعتبارها وإستقرارها وطمأنينتها، وينال من كل اعدائها والمتربصين بها، وينتصر لأهلها وتاريخها وحضارتها وأمجادها الضاربها في أعماق التاريخ.

ما لا يفقهه الكثيرون عن الدكتور رشاد العليمي، أنه قائد عسكري من العيار الثقيل، شجاع، مقدام، فطن، يتمتع بخبرات ومهارات عسكرية واسعة، شكلت بمجملها لديه إرادة واعية بذاتها، قادرة على تطويع الصعاب وإدارة الأزمات بشكل لا مثيل له .. فخلال توليه قيادة وزارة الداخلية إستطاع ان يحقق قفزات نوعية في أداءها الأمني، وعاشت بلادنا حينها أوج مراحل إستقرارها، وبفضل نجاحاته تلك كان الرئيس الراحل «صالح» يسند له أصعب الملفات الأمنية وأكثرها وتعقيداً بما فيها ملف مكافحة الإرهاب .. فضلاً عن أنه دون الكثيرين سواه يعي جيداً حقيقة مليشيا الحوثي الإرهابية، بنزعتها العنصرية، وايديولوجيتها وافكارها وتوجهاتها الرجعية، وعمالتها وولاءها لدجاجلة الشيعة في إيران، وما تشكله من خطر على اليمن ونسيجه الإجتماعي ومحيطة الاقليمي بل والعالم أجمع، ذلك كونه يعد أحد أبرز القيادات التي قرأت تاريخها وماضيها الظلامي، وعاصرت كل الحروب والفتن التي أشعلتها، وساهم الى حد كبير في التصدي لها وإخمادها، الأمر الذي يجعله الأكثر الماماً وخبرة ودراية بمكامن ضعفها، وكيفية التعاطي معها، وإجتثاثها.

ما لا يدركه الكثيرون عن الدكتور رشاد العليمي، أنه حكيم ومفكر مُلهم حمل على عاتقه الهم والقضية الوطنية طوال مسيرته العملية، وأكاديمي وباحث وأستاذ جامعي سابق، والأهم من ذلك كله أنه أول رئيس يمني يحمل شهادة عليا «دكتوراة» .. وأنه يتميز بشخصية وطنية حداثية مرنة، وسطية الفكر والتوجه، منفتحه ومتحرره من كل عقد وأمراض الماضي البغيض، أي غير متشدد أو متعصب سياسياً أو دينياً أو مناطقياً أو قبلياً .. الى جانب أنه مثقف موسوعي، وقارئ شغوف، حيث يعد واحداً من مسئولين قلائل عرفوا بحرصهم المستمر على تطوير أنفسهم ومهاراتهم ومعارفهم، من خلال البحث والدراسة، وتخصيص جزءاً من أوقاتهم للقراءة ومطالعة كل مستجدات العالم والعلوم والحياة .. ما يعني أنه وحده لديه تشخيص دقيق لحاضر اليمن بكل مآسيه وأزماته وإعتلالاته وتحدياته، ومستقبلها بكل متطلباته.

ما يجهله الكثيرون عن الدكتور رشاد العليمي، أنه على المستوى الشخصي إنسان في قمة البساطة واللطف، لا يزال يحتفظ بكل صفات الإنسانية الحقة، وكل قيم الإنسان اليمني الأصيل المعتز بهويته وانتمائه وحضارته وأمجاد أسلافه .. رحيم، هادئ، خلوق، وديع النفس، كريم، شهم، جم الأدب والتواضع، لم تغير المناصب ولا السنين شيئًا من أخلاقه، طاهر اليد، مستمع جيد، ومتحدث لبق، حاضر البديهة والمنطق الأدبي السليم، يحترم الجميع، وقريب من الجميع، مسالم ينشد السلام والخير للجميع .. فضلاً عن كونه نشيط ومجتهد ومثابر، لا يتعاطى القات، يعمل بكل دأب وتفاني وإخلاص ليلاً ونهاراً، ودون كلل أو ملل في سبيل خدمة الوطن والناس .. والأهم من كل ذلك أنه ليس من محبي الأضواء والشهرة، لذلك يصفه الكثيرون بـ«رجل الظل» الذي إعتاد العمل بصمت بعيداً عن عدسات وسائل الاعلام.

ما يغفله الكثيرون عن الدكتور رشاد العليمي، أنه الزعيم الحُلم الذي لطالما تمنى اليمنيين ظهوره طيلة حقب التاريخ المنصرمة، ذلك كونه وبالنظر الى كل ما سبق يعد قائد إستثنائي لا مثيل له في الأولين والآخرين ممن تعاقبوا على حكم هذه البلاد .. ووحده يمتلك مشروع ورؤية دقيقة وعميقة عن كيفية إستعادة الدولة وإعادة بناءها وتمدينها .. وأنه لم يكن يوماً من اللآهثين وراء كرسي السلطة، بل إن السلطة هي من أتت اليه، وظروف البلد بأزماتها وتحدياتها وتعقيداتها هي التي استدعت توليه مقاليدها .. والرئاسة بالنسبة له ليست غنيمة وهيلمان وأضواء وشهرة وبذخ وأمر ونهي، كما كان حال أسلافه، بل أنه يعي جيداً أنها تكليف وأمانة والتزام ومسئولية عظيمة، تترتب عليها حياة الملايين من أبناء هذا الشعب المغلوب على أمره .. وأن تسلمه لها يحتم عليه تسخير كل جهده ووقته وقدراته وامكاناته وطاقاته للقيام بواجباته، والوفاء بكل التزاماته على أكمل وجه، بحيث يترك أثراً طيباً وسيرةً عطرة تتذكره بها الأجيال، وهذا ماهو عاكف عليه منذ لحظة تسلمه لمهامه.

وأوأكد هنا ان ما سلف ليس إرتجالاً أو مجاملة أو تطبيلاً، كما قد يتصور البعض، وانما الحقيقة ولا شيء غيرها، التي لمستها واستشفيتها من خلال معرفتي السابقة بهذا القائد الإستثنائي، ومتابعتي لنشاطه وانجازاته طيلة الـ«20» عاماً المنصرمة، والتي لا شك يوافقني عليها كل من يعرفونه .. وأقولها هنا إنطلاقا من الأمانة والمسئولية المهنية والأخلاقية التي تحتمها علي المهنة أولاً، والإنتماء لهذه البلاد التي عبثت بها قوى الشر حتى باتت عاجزة أن تكون وطناً مشتركاً للجميع ثانياً .. أما ثالثاً فأقولها رداً على ذلك الخطاب الحاقد والمشكك والخبيث الذي تبثة بعض الجهات والأطراف المريضة والناقمة، وفي مقدمتها طفيليات مليشيا الكهنوت الحوثية، الذين ما فتئوا يسيئون لهذا القامة الوطنية السامقة منذ لحظة تسلمه مهام رئاسة الدولة، محاولين السخرية منه وتشويهه وعرقلة أدائه ومسيرة اصلاحاته، وإذكاء نار الفتنة بين مكونات الشرعية مجدداً، بحيث يخلو لهم الجو ليواصلوا عبثهم بالبلاد والتنكيل بأهلها، وبأسلوب مفضوح ينم عن إفلاس وعجز تلك الأطراف، وحالة الرعب والتيه التي باتت تعيشها.

وعليه أقول يا شرفاء اليمن ونبلائه وحكمائه وكل أبنايه الأنقياء: تعلمون جيداً ان أعظم التحولات التي شهدتها البشرية صنعها قادة حكماء، وليس لصوص وعملاء وقادة عصابات وميليشيات .. ونحن ما كان لنا أن نحضى بقائد وقامة وقيمة وقمة في آن واحد كـ«الدكتور رشاد العليمي» في أي محطة تاريخية أخرى .. ولكنها الأقدار إبتسمت لنا أخيراً، والحُلم الذي كان بالنسبة لنا حتى وقت قريب شبه مستحيل أصبح اليوم حقيقة .. لذلك جميعنا مطالبون بإغتنمام الفرصة، والوثوب وثبة رجلاً واحد للإلتفاف حوله، ولنكن عوناً وسنداً ومؤيداً ونصيراً له، وسداً منيعاً ضد كل من يسعى للإساءه له، أو يعيق جهوده وخططه وتوجهاته .. ولنثق جميعاً بأن ما سيحققه «العليمي» لهذه البلاد، لن يقل شأناً عن ما حققه أولئك القادة العظماء ممن امتلكوا الرؤية والحنكة والبصيرة وتفانوا في خدمة شعوبهم وبلدانهم محققين لها قفزات هائلة، أمثال: «لي كوان يو» مؤسس نهضة سنغافورة الحديثة، و«مهاتير محمد» زعيم الإصلاح في ماليزيا، و«وينج هيسيا وبنج» مفجر نهضة الصين العظمى .. فقط علينا أن نؤازره ونمنحه بعض الوقت، كون التركة التي تسلمها مُثقلة بالملفات والأزمات الشائكة والمعقدة، والتحديات والعراقيل التي تقف أمامه جمة، وحلحلتها تتطلب الكثير من الجهد والوقت. 

كلمة أخيرة لأعضاء المجلس القيادة الرئاسي: إن وصولكم الى أعلى سدة في الحكم يمثل قفزة تاريخية ما كان لأحد غيركم أن يحضى بمثلها في مثل هكذا ظروف، فأغتنموا الفرصة واصنعوا التاريخ .. كونوا عند مستوى الثقة التي منحكم اياها هذا الشعب البائس والمغبون، تحملوا مسئولياتكم، واخلصوا نواياكم .. تجردوا من عباءات الأحزاب والمكونات، ودعوا الولاءات والمصالح والمكاسب الخاصة والضيقة جانباً، ولتكن اليمن هي حزبكم الكبير، وإنقاذ هذا الشعب الذي انهكته الحروب واستبد به الطغاة ونال منه الجوع غايتكم الكبرى .. امضوا قُدماً خلف زعيمنا الملهم صوب تحقيق الهدف الجمعي للشعب، والمتمثل في إجتثاث مليشيا الكهنوت الإيرانية، وتخليص البلاد من شرورها، وارساء دعائم الدولة اليمنية المدنية الحديثة، القائمة على أسس الحرية والعدالة والمساواة .. وتذكروا جيداً أن أي التفاف أو تراجع أو تخاذل أو تقصير، سيصدر من أياً منكم، لن يعني سوى فشله وعجزه وخذلانه لأبناء وطنه، وذلك بالتأكيد ما سيدونه التاريخ، وتتناقله الأجيال.

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص