سعيد الجعفري
تشيع الصماد..نوع اخر من الجنون
الاثنين 30 ابريل 2018 الساعة 17:52

 

*سعيد الجعفري 
قضت مليشيات الحوثي في غضون ايام من عمر الإنقلاب  على مفهوم الدولة. 
ويوم ان جلست علي مقاعد الدولة. 
ومارست الانقلاب فقدت معها  مؤسسات الدولة وظيفتها .
والدولة لدورها ومكانتها في حياة المواطنين.. منذو اللحظة التي دخلت هذه العصابة القادمة من الأدغال والكهوف قصر الرئاسة. فقد هذا المكان هيبته  ورمزيته . في وجدان وعقول الناس. ويوم جلس الاطفال المبردقون بثياب متسخة واشكال مقرفة علي كرسي الرئيس يلتقطون الصور التذكارية بتلك الاشكال..يعلنون بداية عصر المليشيات وموت الدولة ووظيفيتها .غاب مفهوم الوطن وتلاشت واختفت رمزية رئيس الجمهورية . وبطش بهيبة المنصب في الوحل ..وفي الامس كنا على موعد اخر من اشكال الجنون شيعت خلاله هذه الجماعة بشكل رسمي وفاة منصب رئيس الجمهورية كأعلى منصب سيادي في دستور الجمهورية اليمنية من خلال تشيعها .لمن تقول عنه رئيس ! . سبق ان عينته بشكل يفتقد لإي صيغة قانونية او دستورية ولا يوجد من بلدان العالم من يعترف به. .فالجماعة التي قادت البلد لجميع هذه  الكوارث التي نعيشها اليوم ولكل شيء غير معقول وغير طبيعي دخل الي  حياتنا...وصارت معه الدولة غائبة . كمفهوم جامع لجميع اليمنين في عصرها الزهي! وغدت معنى فارغ بلا مضمون او قيمة. وبدون اي واجبات تقدمها سوى بث الرعب والخوف لشعبها العظيم الجائع .في نطاق محدود من مناطق سيطرتها . 
تتحدث فيها باسم شعب لم يعد نفس الشعب الحقيقي. 
في عهد الدولة التي اختفت . وصار الموظفين بلا رواتب او وظيفة. اكثر التزاما بالدوام والحضور والانصراف والطاعة المطلقة. . وتحول الشعب الي شعب اخر لا صفة له بالشعب الذي كان الجميع جزء منه. 
شعب صار يحتشد بالساحات العامة  في عاصمة اليمنين المفقودة .للاحتفال بعصر دولة المليشيات ويجري بسهولة تجميعه من مناطق سيطرتها كشعب يحمل صفة صامد.. تقوده عصابة حلت محل الدولة كان اول إنجازاتها. عدوان أهدته  لشعبها الذي يصفه قائد المليشيات بالعظيم. وتقول انها تواجهه بالنيابة عن الشعب الذي لم يعد موجود. وانها تحارب من اجل عزة وكرامة شعب حولته الي قطيع من العبيد. وداست علية بإقدامها وترتكب بحقة كل يوم أسوى  مظاهر واشكال العدوان.. يا الهي اين كان يختبئ لنا كل هذا الجنون الذي حل محل المنطق الغائب الذي  اختفاءواختفت معه مظاهر الحياة الانسانية والطبيعية.
وفي غضون اشهر اعادت فيه حياتنا الي ما قبل ملايين السنوات التي لم نعشها او يوجد فينا من يعرفها. 
عبثآ اجتهد المؤرخين في تدوينها. وهم يحاولون في كتب التاريخ ان يصورنها لنا لتقريب الصورة. دون ان نكلف انفسنا في تقليب تلك الصفحات لقرأتها. لكننا صرنا في القرن الواحد والعشرين بالفعل نعيشها كشعب وحيد بين جميع شعوب العالم في بلد وحيد كان ذات يوم اسمة اليمن السعيد ولم يعد اليوم كذلك..
 وفي الامس كنا امام نوع اخر من انواع الجنون..وارقاء تجليات ابداع هذا الجنون..  فالجماعة التي انهت عصر الدولة وافقدت هيبة ورمزية رئيس الجمهورية كانت امام مشهد اخر بديع من مراسيم التشيع لوظيفة رئيس الجمهورية. التي لم تعد تحمل من الدلالات والابعاد والاهمية لمكانتها شيئآ. يوم انقلبت هذه الجماعة علي الرئيس المنتخب وجلس الاطفال في كرسيه. للتصور والاعلان للعالم اجمع انها من باتت تحكم اليمن المتعدد الثقافات والكيانات. 
وانتشرت علي الطرقات تهتك حريات وكرامة المواطنين.  وكأن هذه الجماعة التي جات الي حياتنا بكل هذه  الفوضى  والدمار والعبث. وجعلتنا نعيش مع كل شيء غير طبيعي ومعقول. 
لعلها تريد ان تقدم بهذا التشيع الوداع الأخير لها. في مشهد مفاجئ لم تعتد عليه. وهي للمرة الأولي التي تجيد فيه  الاحتفاء بهذه الطريقة المؤثرة والحزينة حد كادت ان توصلنا الي التصديق باننا فقدنا رئيس دولة غير موجود في الواقع جلب الرفاة والكرامة  للمواطنين والنماء والازدهار للبلد والعزة والاستقلال للوطن..ترى كيف استطاعت ابداع مشهد جعل ناس ببطون وامعده فارغة في مناطق سيطرتها تبكي علي فقدان القائد الملهم الغير موجود اصلآ..الذي منذو ان جاء الي السلطة كسلطة انقلاب..صار اطفالهم ينامون جائعين..
يا الهي نحن امام اي حالة من حالات اليأس والاحباط  وفقدن الاحساس وعدم الشعور بالألم؟! بل قل الموت حين يوجد من يبكي علي رئيس عينته عصابة لا تؤمن بالأساس بوظيفة الدولة او بوظيفة شيء اسمة رئيس دولة. .اي نوع من انواع الجنون هذا الذي نعيشه واي زمن هذا الذي نجحت فيه عصابة ان تسافر بنا عبر آلة الزمن. الي الماضي السحيق من عصر اللا دولة.

لقد كنا في الامس نتابع خلف شاشات التلفاز. مراسيم التشيع.الذي أقامته جماعة الحوثي في صنعاء. لدفن صالح الصماد رئيس ما يعرف بالمجلس السياسي. كرئيس دولة في سلطة الانقلاب بمراسيم حاولت مجتهدة ان تظهره على انه كان كذلك. 

سأعترف من جانبي انها المرة الاولي التي ارى فيها فعالية من اي نوع كانت. بهذا المستوي من التنظيم حتى وان كانت الفعالية تتعلق بالموت الذي لطالما احتفلت به كثيرآ ووسعت دائرة احتفاها به مع كل قتيل يسقط.

بالأمس كان المشهد لمن تابع  مراسيم تشيع صالح الصماد مختلفا للغاية لجماعة لا تجيد سوى الرقص علي اشلأ قتلها واطلاق الأعيرة النارية والزغاريد ولا تفوت مناسبة في اطلاق الصرخات لشعار الموت.

 كل ذلك كان غائبا من مراسيم الدفن. في مشهد نجحت في جعلة يظهر مهيبا وحزينآ للغاية بموسيقي تأثيره وحزينة وظهرت المراسيم كأنها عملية تم التدرب علي تنفيذها أشهر عدة وليست مجرد ساعات هي الفاصلة بين مقتلة بمحافظة الحديدة علي يد طيران التحالف وبين مراسيم دفنه. وظهر الرجل الذي ذهب للموت بقدمية كأنه علي اتفاق مع جماعته حول تفاصيل نهايته ودفنه. وكأن لسان حالة يقول رفضتم ان اكون كرئيس دولة في سلطتكم. وعليكم ان تقبلوا ان اكون كذلك في مماتي..
لست ادري كيف استطاعت جماعة غوغائية. لا تجيد عمل شيء. كيف استطاعت او اقتنعت بمثل ذلك التنظيم المهيب في تأبين قائد مليشيات مهما اطلقت علية من تسميات. وكأن الجماعة التي فقدت الإحساس تجاه اي شئ  تريد ان تكفر عن ذنبها عن دولة غيبتها  في الواقع.. لتحيي شئيا منها في مشهد الموت الأخير لها 
 فلا شعارات رددت. ولا ظهور  كثيف للمليشيات بل ان الجثة سيرت محاطة بكتائب نوعية من الجنود. الذين لم نعد نشاهد امثالهم في  دولة المليشيات. 
ظهروا في عرض عسكري بهندام  يوحي بالهيبة العسكرية المفقودة .في فعالية التأبين لرئيس الدولة المزعوم المغطى بالعالم الجمهوري الذي تدوسه هذه المليشيات كل يوم بإقدامها وتهين مرارآ هذه الجمهورية التي ليست مع انسجام معها ولا تؤمن بها علي الاطلاق .

سيخيل لمن تابع الفعالية ان الجماعة التي نظمت الفعالية ليست مليشيات مسلحة لا تكترث بالموت .
انما دولة حقيقة هي من نظمته وفاءا بواجبها تجاه رئيس دولة حقيقي. ظل يتعهد دولته وشعبة بالخدمة والسهر علي مصالحهم. . وإن المشيع في هذه الفعلية. لم يكن بتاتا الصماد الذي ان قبلنا بمنطق المليشيات. انه  الرئيس علي نطاق ضيق في محافظات محتلة فانة الرئيس النحس والشؤم. الرئيس الذي يفترض ان يلعنه الشعب . الذي عاش أسوء ايام حياته في عهدة. وأسوء كارثة ممكن ان يعيشها شعب برئيس مثلة.  رئيس لم يستلم موظفي دولتة رواتبهم وعاشت البلد في عهدة. أسوء كارثة انسانية ومجاعة. لرئيس لم يفتتح مدرسة ولم يرفع حجر من طريق عام ولم يدخل بهجة من اي نوع الي  قلب اي موطن..وبالتالي فإن السؤال الذي سيظل الأكثر حيرة .
حول تلك الجماهير الغفيرة التي حضرت مراسيم دفنه . هل كانت تعي من تشيع . وهل كانت تعتقد انها تشيع رئيس فعلي. وأن هذا الرئيس هو الصماد. إن انطبقت علية صفة الرئيس جدلا !
 ام انها مراسيم تشيع لرمزية الرئيس الحقيقي المفترض.
الذي لم يعد له وجود حقيقي 
في عقلية دولة المليشيات وفي عقلية الشعب الذي اعادت انتاجه كشعب قادر على تقبل  كل هذا الجنون الذي تمارسة علي
الارض..

يالها من لحظات من تغيب الوعي. نجحت من خلالها المليشيات. علي غير العادة في تقديم تأبين لرئيس نموذجي لا وجود له في الأصل 

ومن كان مسؤولا عن هذا التشيع. مليشيات. لا تؤمن بالأساس بدولة.ولاتملك اي مشروعية دستورية او قانونية يمنحها الحق في اي تعينات تصدرها .وبالتأكيد انها كانت تشيع شخص مهما اطلقت عليه من تسميات. فقد كانت وظيفته كل هذا الجنون والفوضى  والعبث والكوارث التي عشنها .

ربما نكون بذلك امام نهاية مرحلة جنون..سيكون اخر قادة هذا الجنون المشاط ..الخالي من اي سيرة وطنية والمعين حديثا..كرئيس من قبل نفس المليشيات التي ودعت رئيس

المقالات