إيهاب الشرفي:
لم يكن ذنب الكاتب والصحفي محمد دبوان المياحي الا انه آمن بالوطن، وانكر اختطاف البلاد لصالح فئة جاهلة متطرفة؛ قال رأيا طبيعيا نابع عن قناعة وطنية خالصة، دون تحفظ او خشية.
لم يحرض او يجرح او يتخفى خلف اسم مستعار لقول ان هناك خطاء فادح، وجمهورية مختطفة، ووطن تتلاشى ملامحه، واعوجاج ينبغي تقويمه واصلاحه، في اطار واجبه الاخلاقي والديني وما يمليه عليه ضميره المهني .
فكان جزاءه الاختطاف ثم الحبس ثم المحاكمة الشكلية بتهم ما انزل الله بها من السلطان، والحكم عليه بالسجن واجباره على التعهد بعدم الحديث مرة اخرى بضميره الحي او عن الجمهورية او الوطن بشكل عام.
وربما تخفي تفاصيل سجنه وان تم الافراج عنه لاحقا (وهذا قد يكون فيه رأي)، مصادرة حريته في التنقل والابقاء عليه تحت الاقامة الجبرية ، بُغية قتل روحه الوطنية، وكسر ارادته الجمهورية، وكتم خربشات قلمه الحر .
المياحي ليس حالة فردية، او قضية خاصة، بل مرآة اخرى تعكس صورة هذه الجماعة الطائفية المستبدة، التي يخيفها قلم وترعبها كلمات أدبية عربية خالصة.
ان مهزلة محاكمته ستبقى وصمة عار في جبين هذه البلاد ، ونقطة سوداء اخرى في ثوب هذا الوطن الممزق ، وسيظل ويبقى المياحي رمزا للحرية وللأدب العربي واليمني الخالص.
ذلك الشاب المشاكس، ابن القرية البسيط، الذي تفجر ابداعا قيمة وثمن ، وسمى بالفكر والابداع والثقافة، وارتقى باللغة سردا ونثرا، بنكهة متمرد يتسامى فوق كل ابداع، يقبع خلف القضبان ويحاكم بتهمة الوطنية وحب الوطن .
سيخرج المياحي حتما، لكن بأي صورة سيكون !؟ الى اين!؟ وما مصير قلمه!؟ وهل هي نهاية ذلك الشاب الذي انطلق من فرع العدين في إب الى قمة المجد والفكر العريي !؟ ام بداية جديدة من النضال الوطني وتجربة القيد الذي اخرج اساطير الفكر والثقافة العالمية عبر التاريخ!!