ايهاب الشرفي
لماذا سوريا وليست اليمن !؟
الاثنين 26 مايو 2025 الساعة 01:20

 

ايهاب الشرفي: 

سؤال كبير يطرحه الكثير من اليمنيين في الداخل والخارج، والاجابة عليه تحمل الكثير من الوجع والحيرة، وتفتح الباب مشرعا امام كم هائل من علامات الاستفهام حول مشروع الدولة اليمنية، وبقاء الانقلاب الحوثي في العاصمة صنعاء.

لماذا سوريا وليست اليمن!؟ أو بالاصح لماذا لا نكون مثلهم!؟  لأن هناك تغييب ممنهج للمشروع الوطني الجامع، وتشتيت مفتعل للفكر السياس اليمني، خذلان عقيم لقوى الثورة والجمهورية، فقد تناثرت الخطوط وتعقد المشهد حتى تلاشت ملامح الحل واختفت معها كل الآمال والاحلام لكل يمني.

أو ربما هناك قوى عالمية لا ترغب في تحقيق النصر الكامل، في ازالة السرطان الحوثي، لابتزاز دول الجوار او ترضية لمشروع ايران النووي، او حتى للابقاء على منطقة غير مستقرة ، لكن هذا ليس مبررا كافيا لتجميد الصراع، والابقاء على المليشيات لتدمير ما تبقى من اليمن .

ليس مبررا كافيا لكسر ارادة اليمني وحلمه بدولة حقيقة تصون كرامته وتحفظ حقوقه وتنتشله من التخلف والانحطاط المخيم على البلاد منذ احدى عشر عاما ؛ فلا يمكن القبول بإبقاء قيادة الدولة ومن نعول عليهم في حمل المشروع الوطني في موقف المتفرج كما التائهون من عامة من الشعب .

لقد اوجد السوريين مناهجا واضحا لاستعادة الدولة، وامنو بقضيتهم العادلة، وعملو كل ما يلزم لاقناع الداعميين الدوليين والاقلاميين بامكانية النصر، وما يلي ذلك من علاقات ومنهجية سياسية وفكرة، وهو ما يفتقر اليه السياسي اليمني، أو ربما قيادة الدولة الراهنة.

 آمنت القيادة لسورية الجديدة بالعمل العسكري للقضاء على الأسد ونظامه المجرم، واتخذت من العمل السياسي طريقا مساندا للكفاح المسلح، واستغلت الفرصة المناسبة للانقضاض على النظام رغم تعاظم قوته منذ 2019 والدعم الروسي والايراني واللبناني والعراقي، وكل منهم على ذات الشاكلة..


وعلى العكس تماما، فقد كانت خطوط الإمداد مفتوحة على مصراعيها للنظام السوري، وكذا لدخول وخروج المليشيات الطائفية من زينبيون وفاطميون وغيرهم، وذلك في ظل سيطرة واسعة على نحو 80% من الأرض، فيما تسيطر الشرعية اليمنية على 85% من الجغرافيا، وعلى 95% من الشريط الساحلي، ولا يوجد اي حدود برية مفتوحة للمليشيات الحوثية، ومع ذلك تم تجميد الصراع وتعطيم شأن الجماعة في تناقض صارخ للمنطق.

لا يوجد مشروع يمني مقنع للداخل والخارج، لا من ناحية الانفصال ولا تحرير ما تبقى من الارض واستعادة مؤسسات الدولة، وعودة الحياة الى طبيعتها ومنطقيتها الفعلية.

ففي حين ان هناك تحركات باردة، اقل ما يمكن اعتبارها شكليات ليس الا، وعمل دبلوماسي خجول، لا يرتقي الى مستوى التحديات الراهنة ولا يوكب التغيرات في المنطقة والعالم، ما زلنا نشاهد النقيض تماما في سوريا، و اوكرانيا وحتى السودان .

ما نزال عالقين في 2013، او ربما في 2018م، اذ ان ضبابية المشهد اليمني تجعل من الصعوبة بمكان قراءة الحاضر واستشراف المستقبل، تائهون بلا مخرج ولا امل يلوح في الافق، متمسكون بالحلول السلمية فيما الطرف الاخر مُصر تماما على فرض وجوده بالقوة العسكرية، وهو ما يتطلب تغيير فعلي لطريقة التعامل مع الانقلاب ومع المجتمع الدولي في ذات السياق.


قد نخسر دعم الرياض في اي وقت، وسيتبع ذلك موجة تحوالات دولية تجاه القضية اليمنية، وبالتالي خسارة فادحة قد ندفع ثمنها لالف سنة اخرى، مالم نتحرك بشكل واقعي عسكريا ودبلوماسيا وسياسيا، ونعيد الزخم الى سابق عهدة على كافة المستويات، ونستغل الحراك العالمي والتغيرات الدولية الراهنة لتحقيق حلم كل اليمنيين.

وفي الاخير، يمكن القول انه لا يمكن تطبيع الاوضاع في المناطق المحررة، او حتى الوصول الى حل سلمي في المستقبل القريب، وما محاولة ايجاد الخدمات وانعاش الاقتصاد أو الحديث عن انفراجه قريبة، ماهو الا ضرب من الجنون، في ظل استمرار الخطر الحوثي وسيطرة المليشيات على العاصمة صنعاء، ونحو 70% من السكان، ومقامراتها الخطيرة بمقدارات البلاد ضد المجتمع الدولي .

المقالات